كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[فضيلة لحجر بن عدي ومالك الأشتر]

صفحة 143 - الجزء 4

  الرجال الذين سطروا ذلك في كتبهم، ودونوه في تصانيفهم، وناظروا به خصومهم، وهم كافة أهل بيت النبي ÷، وجلة أهل الإسلام المتقدم منهم والمتأخر، وأهل التواريخ على سعة روايتهم، واختلاف طرقهم في تصانيفهم؛ فإنه ما أنكر ذلك أحد منهم، ولا اختلفوا فيما ظهر في أن الجبر أُموي والعدل هاشمي.

  ولعله استثقل رواية أهل الحق، والمدونين للسير والآثار، واعتمد على رواية من طابقه من حشوية أهل الحديث؛ بل لم يقبل جميع ما رووه أيضاً، بل صار الفقيه يقبل ما وافقه، فمتى ورد عليه ما ينفي عقيدته أبطله، وإن كان راويه سائر من ذكرنا، وإن كان روايه ممن يرى روايته تأوله أو عارضه بما لا يلائمه تعصباً للباطل، واتباعاً لمنهج تقليد الأسلاف، ولله القائل:

  والشَّمْسُ إِنْ خَفِيَتْ عَلَى ذِي مُقْلَةٍ ... نِصْفَ النَّهَارِ فَذَاكَ مَحْصُوْلُ الْعَمَى

  كيف يسوي الفقيه بين أمير المؤمنين وأمير القاسطين؟ حتى يحكي أن كل واحد منهما لعن الآخر وأتباعه، وحتى إنه لم يحكم بتفسيق من لعن أمير المؤمنين وولديه $؟ وحتى قال: إنه تبين أنه لا معصوم إلا الأنبياء؟ مُعَرِّضاً أن علياً # قد أخطأ في لعن معاوية - لعنه الله -، وحتى اجتهد في تجميل حاله بكل ممكن، فما زاده ذلك إلا خساراً.

  وكيف استجاز أن يجعل ذنب حجر | الشهادة الكاذبة من الشهود الكذبة؟ وكيف يمضي الحكم في الدم بمجرد الكتابة من دون نطق الشهود، وتفقد أحوالهم، وأحوال المشهود عليه؟

  وعلى أنه | لو قال ما قالوا، ما استوجب بذلك قتلاً ولا سباً؛ لأن معاوية ليس بإمام فيقال: إنه خلع إمامته.

  وكيف يحكي قولهم: وكفر بالله كفرة صلعاء، لولا محبة تعظيم اللعين معاوية في قلوب العوام، ومن يقف على كتابه من أمثاله من الجاهلين والناصبين والطغام، المحاربين لأولاد النبي ÷.