[بطلان بيعة يزيد بن معاوية]
  وقد ظهر من معاوية أن قتله لحجر ضلالة؛ فإن الوفاة لما حضرته كرر: إن يومي منك يا حجر ليوم طويل، وما يجانس هذا الكلام مما قدمناه وما اختصرناه.
  وإنما عابوا عليه إنكار لعن علي #، وإنكار المُنْكَر يجب على المؤمنين إن كان الفقيه يعلم ذلك، وإلا فقد قام الدليل من الكتاب والسنة؛ أما من الكتاب: فقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ ..} الآية [آل عمران: ١٠٤]، وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب.
  وأما من السنة فقوله ÷: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم».
  وروينا عن أبينا رسول الله ÷: «إن الله أوحى إلى نبي من أنبيائه، إني معذب من أمتك مائة ألف، أربعين ألفاً من شرارهم، وستين ألفاً من خيارهم، قال: رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: عمل بين ظهرانيهم بالمعاصي فلم يغضبوا لغضبي».
[بطلان بيعة يزيد بن معاوية]
  ثم قال [أي: الفقيه]: وأما ما ذكر من البيعة ليزيد، وطول فيها، وكذب في آخر مكاتبته فقد ذكر المؤرخون غير ما ذكر، ولا فائدة في التطويل بذكره ولا فيما ذكره؛ لأن المقصود البيعة.
  فالجواب [المنصور بالله]: أنه بتر الحكاية لأن فيها ما يخزي معاوية ويزيد وناصرهما من المجبرة القدرية، وأما حكاية الكذب فلا فائدة في المرادَّة بما لا يحسن، مع أنه احتج بذكر المؤرخين، وقد عاب الاستدلال بأخبار التاريخ.
  ولهذا صح ما حكيناه عنه أنه يقبل ما وافق غرضه وإن كان غرضه فاسداً، ويرد ما خالفه ولو كان الخبر صحيحاً، وذلك أمارة لقلة الإنصاف، وشدة الانحراف، والميل إلى تقليد الأسلاف.