[بطلان بيعة يزيد بن معاوية]
  ثم قال [أي: الفقيه]: وذكر أن يزيد مشهور بشرب الخمر، وارتكاب الفجور؛ فلسنا نسلم أن ذلك كان موجوداً عند عقد البيعة، ولو كان لما عقدها له، فإن يكن ذلك موجوداً فيما بعد فالله أعلم، فإن معاوية أخذ البيعة له على ما ذكر المؤرخون سنة ست وخمسين، وتوفي معاوية سنة ستين.
  فالجواب [المنصور بالله]: أنه اجتهد في تجميل حال اللعين بن اللعين بن اللعين يزيد بن معاوية بن أبي سفيان –لعنهم الله -، وفي حال أبيه في البيعة له، وكأن الفقيه لم يشكل عنده إلا وقوع البيعة ليزيد، وهو على حال المعصية من شرب الخمر وفعل الفجور، وأما العقد مع السلامة من ذلك في تلك الحال فلا كلام فيه؛ فكيف يقول بذلك، وأبوه ظالم فاسق بل كافر بما ذكرناه وذكره علماء الإسلام، ولا يصح عقد البيعة عند جميع الأمة ممن هذه حاله، لا ممن يثبتها عقلاً، ولا من يثبتها شرعاً، فكيف اعتذر الفقيه بأنه لا يسلم ذلك عند البيعة.
  وأما قوله: ويدل على ما قلنا إن المسلمين بايعوه، ولم يتخلف عن البيعة إلا خمسة نفر: الحسين بن علي @، وعبدالله بن عمر، وابن الزبير، وابن عباس، وعبدالرحمن بن أبي بكر - فليت شعري المتخلفون عند الفقيه أفضل أم المبايعون؟ فإن كان المبايعون أفضل بان خزيه عند الأمة، وإن كان المتخلف أفضل فلا اعتبار بكثرة الأرذل مع تأخر الأفضل، وهل الدخول في بيعة يزيد إلا ثمرة بيعة معاوية.
  فأما ما ذكر أنه لا يسلِّم أن يزيد كان يشرب الخمر قبل عقد البيعة؛ فليستمع لما يوحى: ذكر الطبري في تاريخه، ونحن نرويه بالإسناد الصحيح إليه، عن هشام، عن أبي مخنف، عن عبدالملك بن نوفل، قال: حدثني أبي قال: لما قتل الحسين بن علي @ قام ابن الزبير خطيباً، فذم أهل العراق عموماً، وأهل الكوفة خصوصاً، وذكر الخطبة بكاملها.
  إلى أن قال: أما والله لقد قتلوه طويلاً بالليل قيامه، كثيراً بالنهار صيامه، أحق