كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تكذيب الفقيه لعن الحسن البصري لزياد ومعاوية وسم الحسن (ع) - والرد عليه]

صفحة 155 - الجزء 4

  فيها بدعة، ويميت فيها سنة، ومن الإسلام خصلة، إلى أن توفي وفي عنقه الصليب، لما قال له طبيبه النصراني أعيتني الحيل في علاجك، وما بقي إلا صليب من ذهب عندنا نستشفي به من الأدواء المعضلة، فقال: هاته، لحب متاع الدنيا؛ فلم يغن عنه شيئاً، ومات وهو في عنقه لتمام شقاوته.

  ثم عقد لولده يزيد بلا فصل، وإن كان ابتداء إظهاره لأمر يزيد، ومحاولة العقد له من سنة ست وخمسين، روى ذلك الطبري وغيره.

  وأمر لأخيه من العهر زياد، الذي كفر عند المحصلين من علماء الإسلام بادعائه يشاوره في أمر يزيد، وكان ممن لا يصطلى بناره، فأمر إليه يأمره بالأناة في أمره، وذكر لنصحائه أن فيه هَنَاتٌ لا يأمن من نفار الأمة لأجلها، فلو كان قد شاهد ما فعلت من قتل ولد نبيها الحسين بن علي # على قرب العهد لصغر ما كبر في نفسه، وعلم شياع الضلال فيها إلا من القليل المستثنى.

  وكان معاوية يعطي الجزيل على بيعة يزيد، ويتألف ويصانع فانتظم له الأمر من أكثر الأمة، والأكثر هو الضال كما قال ذو الجلال: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ}⁣[الأعراف: ١٠٢]، وقوله⁣(⁣١) سبحانه: {وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ٧٠}⁣[المؤمنون]، وقوله⁣(⁣٢): {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ١٠٣}⁣[يوسف].

  وتخلّف الأقل من الناس، مشاهيرهم الخمسة، وأهل التقوى الذين هربوا بدينهم كما قال سبحانه: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ١٣}⁣[سبأ]، وكما قال تعالى: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ٤٠}⁣[هود]، إلى غير ذلك، فأين موضع الخلل في الرواية أيها الفقيه؟


(١) وكما قال (نخ).

(٢) وكما قال عز من قائل (نخ).