كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[قتل محمد بن أبي بكر]

صفحة 156 - الجزء 4

[قتل محمد بن أبي بكر]

  ثم قال [أي: الفقيه]: وأما حديث محمد بن أبي بكر فإن علياً # لما ولى قيس بن سعد على مصر كان قد وادع أهل جواثا ولم يقاتلهم، ورأى أن في ذلك مصلحة، فلما وُشي بقيس إلى علي # بشيء يكرهه وهو بريء منه، عزله واستعمل محمد بن أبي بكر، فأشار عليه قيس بن سعد بأن لا يقاتلهم فظن أنه غشه فقاتلهم فقتل.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن المهادنين من أهل قرقيسا، وكان فيهم خمسمائة فارس من أنجاد العرب يرون رأي عثمان، ولا يستحسنون قتال علي، فيهم مسلمة بن مخلد، ومعاوية بن خديج، والأمر كما ذكر في مشورة قيس |، وحرب محمد بن أبي بكر وهزمهم جيوشه وقتلهم له.

  إلا أنهم لم يصلوا إلى مصر إلا بعمرو بن العاص، وإمداد معاوية لهم باثني عشر ألف مقاتل من أهل الشام، فقتلوا كنانة بن بشر الصابر المحتسب، وقتلوا محمد بن أبي بكر | الولي الصالح وحرقوه، فلم تأكل عائشة الشواء بعد ذلك، وكانت إذا عثرت قالت: تعس معاوية؛ فهذا ما نقله العلماء من قصة القوم.

  فأما أن أهل قرقيسا قتلوه فما رواه أحد قبل الفقيه، وكان أَكْبَرُ هَمِّ أهل قرقيسا منعَ نفوسهم، فأما في أيام قيس بن سعد | في مصر فكان خراج البلد إليه، وكان يعطي هؤلاء الخمسمائة أعطياتهم، وقبل منهم التخلي عن علي وعن معاوية، ورضوا بذلك، وكان الصواب في رأيه؛ فلما خالفه محمد بن أبي بكر، وهزموا الجيوش، وقتلوا الأمراء تقوت شوكتهم، وسألوا معاوية المدد، فأمدهم بعمرو بن العاص في العدة التي قدمنا فكان قتل محمد |.

  وقرقيسا قرية مشهورة بقرب من الرقة، وهي فوق موقع القتال بصفين، وإن كان نفى الفقيه عن معاوية تحريق محمد بن أبي بكر لتهوين الخطب عليه، فلعمر الله إن سبه ولعنه لعلي بن أبي طالب # ومحاربته له أدخل في باب استحقاقه للذم