[صلح الحسن (ع) مع معاوية]
  لمعاوية بكتاب يذكر فيه أمر ابن عباس، ويعرض عليه الصلح على أن يجعل له الأمر بعده.
  وسمع الخوارج ما جرى من استئمان عبيدالله بن عباس إلى معاوية، وأنه قد ادعى أن الحسن قد التمس منه الصلح، فظنوا أن ذلك صحيح، وأنه # قد فعل ذلك واختاره ابتداء، فقالوا: قد كفر الرجل كما كفر أبوه، وثاروا به وأغاروا على فسطاطه؛ حتى أخذوا الطنفسة التي كان جالساً عليها، وطعنه بعضهم على فخذه بمعول كان في يده فغشي عليه، وأشرف من هذه الطعنة على الموت، وعلم أن لا قبل له بمعاوية، ولا سبيل إلى دفعه، فحمله ذلك على الصلح وترك القتال؛ ثم استدل على جواز ذلك بفعل النبي ÷ عام الحديبية وطول في ذلك.
  ثم قال [أي القرشي] بعد ذلك: وأما دعواه [أي الفقيه] بأنه # بايع معاوية، وسلم الإمامة منه، مع ما عرف منه من البغي والظلم؛ فليس كما ذكر فإنه # لم يبايعه بالإمامة، والتزام الطاعة(١)، كما تلزم طاعة الأئمة القائمين بالعدل، ولا
(١) قال ¥ في التعليق: روى الإمام أبوطالب # بإسناده إلى هلال بن خباب قال: خطب الحسن بن علي # [خطبة] فقال منها: (يا أهل الكوفة والله لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث لذهلت؛ لقتلكم أبي وطعنكم فخذي وإنتهابكم ثقلي) تمت.
وقد اعترف ابن حجر في شرح الهمزية بتفرق الناس، وانتثار النظام عن الحسن بن علي، ورواه الحاكم في المستدرك، واعترف به المقبلي في أبحاثه في توجعه للحسين بن علي، وذمه أهل العراق بأنهم قتلوا أباه وخذلوا أخاه. وكذا روى الذهبي في النبلاء من طرق: ما يفيد تفرق الناس عنه، وأنهم وثبوا عليه، وأخذوا متاعه وطعنوه، نحو ما رواه المدايني قاله في شرح تكملة الأحكام، ورواه أبو الفرج الأصفهاني والمدايني، تمت. وكذا روى أبو جعفر الطبري نحو ذلك في التاريخ، تمت.
وروى أبو الحسن المدايني قال: (خرج على معاوية قوم من الخوارج بعد دخوله الكوفة، وصلح الحسن له، فأرسل معاوية إلى الحسن # يسأله أن يخرج فيقاتل الخوارج فقال الحسن سبحان الله تركت قتالك وهو لي حلال لصلاح الأمة وإلفتهم أفتراني أقاتل معك. فخطب معاوية أهل الكوفة فقال: يا أهل الكوفة أتراني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون ... إلى أن قال: ولكني قاتلتكم لأتأمَّر عليكم ... إلى قوله: وكل شرط شرطته فتحت قدميَّ هاتين. قال المدايني: فقال المسيب بن نجية للحسن #: والله ما أراد بها غيرك، قال: فما ترى؟ قال: أرَى أن ترجع إلى ما =