كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام # على فقيه الخارقة في مسألة الإمامة وحصرها في البطنين]

صفحة 226 - الجزء 4

  عرف الفرق بين الوجوب والجواز.

  وأما عتبه على العبارة حيث قال: إنه بنى سؤاله على أصلين ثم قال: والغلط الثاني - فالجواب: أنه لو عرف ضميره في الأول الذي أظهره في الثاني لما اعترض؛ لأن غرضه أنه بنى سؤاله على أصلين غلط فيهما، فذكر الأول، ثم قال: والغلط الثاني؛ فما في هذا مما يقع الاشتغال به.

  وأما مطالبته بالدليل على بطلان جوازها في غيرهم - فالجواب: أن الأمة المعتبرين للمنصب افترقوا؛ فمنهم من قال هي جائزة في الناس كلهم وبناه على أحد أصلين: إما أنها جزاء على العمل وهذا باطل بوجوه:

  أحدها: أن الإمامة أمر شرعي، فلا توجد أوصافها ولا شروطها ولا طرقها إلا من جهة الشرع.

  أما أنها شرعية فلأنها تقتضي أموراً لا يقبلها العقل لولا الشرع كالجلد، والرجم، وأخذ الأموال من غير مراضاة أهلها، وصرفها في مستحقها، ومحاربة المخالفين، وقتلهم وسبي ذراريهم حيث يجيزه الشرع، وهذه أمور لا مجال للعقل فيها، وليس في الشرع ما يدل على أن الإمامة جائزة في كل الناس فيكون إثبات حكم بغير دلالة.

  والثاني: أن الجزاء يجب أن يكون شهياً لذيذاً، وتكاليف الأئمة أشد من تكاليف الرعية، فكيف تكون الإمامة جزاء؟

  والثالث: أن دار الجزاء هي دار الآخرة، فكيف يثبت في الدنيا؟

  والرابع: أنها لو كانت جزاء وفي العاملين كثرة، لجاز ثبوت إمامين بل أئمة في وقت واحد.

  والخامس: أن الجزاء لا يخص الرجال دون النساء، ولا الأحرار دون المماليك؛ لأن الجميع مكلف وقد بطلت إمامتهم؛ إذ لا قائل بإمامة النساء ممن يعتد به من العلماء.