كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث في صفات الإمام وشروط الإمامة]

صفحة 235 - الجزء 4

  إلا من قدر على الذات ككون الكلام أمراً وخبراً، فيصير حينئذ بين أمرين.

  إما أن يجعل الذات مقدورة للعبد لأنه يجعلها على هذه الصفة.

  وإما أن يعلق الكسب بالباري سبحانه لأنه محدث الذات عنده؛ فليختر أصلح الأمرين فأحلاهما مرٌ.

  هذا، وإن كان الغالب في الظن أن هذا الكلام يمر عن أذنه صفحاً، تمجه أذنه ولا يسعه ذهنه.

  ثم قال [أي: الفقيه]: قال القدري [أي: القرشي]: ومن جملة المطالبات له فيما ذكره من الشروط والصفات، أنه اقتصر فيها على دعاوى ساذجة عارية من البرهان، وهذا لا يعجز عنه إنسان بل لو زاد غيره عليها أو نقص منها ما كان فرق بينه وبينه؛ إذ لا حجة لأحدهما يتميز بها عن الآخر.

  فأقول [أي: الفقيه] وبالله التوفيق: أما ما ذكر من صفات الإمام وشروط الإمامة، وسأحتج في هاتين اللفظتين وأنه إن كان صفات الإمامة معتبرة في كونه إماماً فهي من شروط الإمامة؛ فما وجه إفراد الصفات بالذكر، وإن كانت هذه صفات غير معتبرة فما فائدة إيرادها وتكثير الكلام بما لا تعلق له بهذه المسألة؟ لقد تعلق هذا الرجل بغير متعلق، ونقم بتكرار لفظتين لمعنى واحد.

  وإن كان من قبله من أهل الفضل والمعرفة بهذا قد نطق، وزعم أن ذلك قدح لجهله، ولقد مان وما صدق، وهذا عند أهل الخبرة به في الاشتهار كالصبح إذا هو عن الظلام انفلق.


= حيث كانت الذات عرضاً، وأما على العموم فالفرق بين الجسم والعرض جلي، فلا يلزم أن يثبت للجسم ما يثبت للعرض، فليحقق، والله أعلم، تمت.

نعم، وأما الإمام # فعبارته لا إبهام فيها ولا إشكال، لأنه قال: (فإنه لا يقدر على جعل الذات عليه، إلا من قدر على الذات) ولم يقل: (ولم يقدر عليه إلا الخ). مع أن الذات في محل النزاع هو الفعل وليس بجسم، تمت.