كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث في صفات الإمام وشروط الإمامة]

صفحة 236 - الجزء 4

  وكم قد وجدنا له في هذه الرسالة من قول ضعيف، وكم اكتلنا بمكيال طفيف، أغضينا عن ذكر أكثر ذلك وأعرضنا عما يلزمه فيه من التعيير والتعنيف.

  على أنا لو قلنا: صفات الإمام هي الست الخلقية من البلوغ، والعقل، والحرية، والذكورية، والنسب، وسلامة السمع والبصر على رأي، وسلامة جميع الأعضاء على رأي آخر، وشروط الإمام هي: النجدة، والكفاية، والعلم، والورع لكان لذلك وجه، ويفرق بينهما بأن الأولى لازمة لا صنع للإنسان فيها ولا قدرة له عليها وهذه الأخرى بخلافها.

  والجواب [المنصور بالله]: أنه ما وقع العتب عليه في ترادف العبارات على المعنى الواحد لمجرد اللفظ فقط؛ بل وقع العتب من حيث إن كل لفظ له حكم يخالف به صاحبه، ويقع النظر هل هو معتبر في الإمامة أم غير معتبر، فلهذا توجه عليه الإلزام الذي لم يقع عنه من الانفصال إلا الأذية والخصام.

  وأما ما استدركه بزعمه في صفات الإمام - فالجواب: أن فيه كلاماً وهو أنه ذكر سلامة السمع والبصر على رأي، وسلامة جميع الأعضاء على آخر ولم يبين الصحيح من ذلك عنده ويحتج عليه، ويبين فساد الآخر.

  وعلى أنه كالمضجع في ذلك؛ لأنه قال: لو قلنا صفات الإمام كذا ولم يقل هو قوله، ثم قال: لكان لذلك وجه ولم يبين الوجه.

  وأما قوله: ويفرق بينهما بأن الأولى لازمة لا صنع للإنسان فيها والأخرى بخلافها - فالجواب: أن هذا الفرق وإن كان صحيحاً على الجملة فإن المطالبة تقع من وجهين:

  أحدهما: أنه يطلب ما له تعلق بالمسألة، وما له تأثير في صحتها أو فسادها دون ما هو فعل لله تعالى أو لغيره؛ لأن هذا المقام تطلب فيه خصال الإمام، وذلك الباب الأول كلام فيما هو فعل لله وما هو فعل لغيره؛ فأين أحد الأمرين من الآخر لولا قلة العلم.