[بحث في الكسب]
  بقاء الفعل الذي يخلقه الله تعالى كان جهلاً مضافاً إلى جهل، وأما المطالبة فهي ما نذكره بعد هذا.
  ثم قال [أي: الفقيه]: ومن الكلام المتناقض قول القدري بعد هذا: وإن كان الكسب غير الخلق فهل هو خلق وفعل أم لا يقول بأنه غير الخلق؟ ثم يسأل أهو خلق أم لا؟
  فالجواب [المنصور بالله]: أن السؤال باق بحاله؛ لأنه يقال له: الكسب شيء أم لا؟ فإن كان غير شيء لم يعقل منفرداً بالوصف حقيقة.
  فإن قال: هو شيء.
  قيل له: هل هو قديم أم محدث؟
  فإن قال: قديم، لم يكن فعلاً للفاعل أصلاً.
  وإن قال: هو محدث.
  قيل له: من محدثه؟
  فإن قال: هو الله تعالى، كان الفعل من الله تعالى وبطل قوله: إن العبد اكتسبه.
  وإن قال هو العبد، كان العبد فاعلاً، ولم يكن ذلك مناقضة لأنه يسأله عن اكتساب الفعل فأوصله إلى المطالبة(١) بأنه فعل آخر فلهذا سأله عن فاعله، لكن الفقيه لم يتحقق ما يتوجه عليه من ذلك فأنكره.
  ثم قال: وأما قوله [أي: القرشي]: فمن هذه الوجوه ما يكون واجباً فلا يتعلق به تعليل، وما كان منها معللاً ومعلقاً بالفاعل فإنه لا يقدر على جعل الذات عليه، يريد على خلق الذات على الصفات المقصودة من القدرة والإرادة والمشيئة
(١) قال ¥ في التعليق: ذلك لأن (ألْ) في الخلق في السؤال الأول قائمة مقام المضاف إليه، أي هل الكسب خلق الفعل أم لا؟ إذا لم يكن خلق الفعل بل شيء آخر، فهل هو خلق أم لا؟ فالخلق المذكور في السؤال الثاني غير الخلق في الأول فلا تناقض، وقد نبهنا سابقاً على هذا المعنى بقولنا في تعليقة: أي خلق الفعل، تمت.