[بحث في الكسب]
  وكذلك قوله: وكذا لا يلزم أيضاً من هذا أن يكون الباري ø مكتسباً لأنه محدث الذات؛ فإنه لا تعلق له بما تقدم بل هو كلام من لا يدري ما يقول.
  وقد كان الجواب: إما أن يجعل الكسب هو خلق الفعل فهو من الله، أو من العبد، أو من الله ومن العبد معاً؛ فإن أفرد الله تعالى بالكسب لم تصح إضافته إلى العبد، وكان هذا القدري جهمياً من وجهين.
  وإن كان من العبد فقد جعل العبد فاعلاً، وإن كان الفعل من الله ومن العبد لم يكن الباري خالقاً له أولى من العبد ولا يكون العبد مكتسباً له أولى من الله، بل هذه أمور لا مخلص منها لحذاق الأشعرية؛ فكيف بهذا الفقيه الذي يدل كلامه هاهنا على أنه من جهال القدرية.
  ثم قال [أي: الفقيه]: وأما قول القدري [أي: القرشي]: ومن جملة المطالبات له فيما ذكر من الشروط والصفات أنه اقتصر فيها على دعاوى ساذجة عارية عن البرهان.
  فأقول [أي: الفقيه]: لقد ذكرنا في رسالتنا الدامغة هذه الصفات، وتكلمنا على كل واحدة منها، وذكرنا وجه الحاجة إليها، والدليل الذي يدل عليها، فأعرض عنه هذا الرجل ولم يلتفت إلى شيء منه حتى يجعل له حجة، ونجد إلى الكلام طريقاً، فإن أراد ذلك فلينظره وليتأمله.
= السكون، إلى آخر الصفات، والخلق الإحداث والإيجاد، فكيف توجد الذات عند إيجاد كل صفة، ولا يعقل إيجاد الصفات - التي هي الأعراض على أصل الفقيه - إلا بعد إيجاد الذات، التي هي محل الأعراض. ثم ولو فرض مقارنة وجود الصفة والذات، فبوجود الذات على أول صفة صارت مستغنية عن إيجادها، على صفة ثانية، وثالثة الخ.
ولا يذهب عليك ما مرّ في الجزء الثاني من أن الصفات لو كانت كلها بالفاعل لكانت جائزة؛ فإذاً يلزم جواز خلوّ الجسم مع بقائه عن الحركة والسكون، وهو محال، وإذا ثبت عقلاً أنه لابد له من أحدهما، كان دليلاً على أن الصفات ليست كلها بالفاعل، بل منها ما يجب معيناً أو غير معين، تمت.
فالتي بالفاعل صفة الوجود، وما عداها فواجب، إما عن الذات كالصفة الأخص من الجوهرية، أو عنها [أي عن الصفة الأخص] كالتحيز أو عن معنى كالكائنية، تمت.