كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الرد على بقية افتراءات الفقيه التي رمى بها الإمام (ع)]

صفحة 249 - الجزء 4

  يشاء، ولا يشاء أن يعذب إلا العاصين دون الملائكة والأنبياء وسواهم من المؤمنين؛ لأنه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، فكيف يعذب أولياءه ويساوي بينهم في ذلك وبين أعدائه، وهو تعالى يقول: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١}⁣[النجم]، ويقول عز قائلاً: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف].

  وأما الذين يشاء إثابتهم فالصالحون كما قال تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ٢٣ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ٢٤}⁣[الرعد].

  وأما تخليده للعصاة الموحدين - فذلك لقوله تعالى في كتابه المبين: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ٢٣}⁣[الجن]، ولم يفرق في ذلك بين موحد وملحد.

  والخلود هو الدوام كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ٣٤}⁣[الأنبياء]، والكل قد جَعَل له بقاءً منقطعاً؛ فلولا أن الخلود يفيد الدوام بغير انقطاع لاختل معنى الآية وذلك لا يجوز، ويقول تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ١٨}⁣[غافر]، والعاصي والفاسق ظالمان بالإجماع فدخل تحت العموم.

  وأما قوله: وتكذيبه النبي ÷ في أخباره لهم بشفاعته - فقد بينا لك كلام رب العالمين وأن ما لهم شفيع ولا ناصر، وروينا فيما تقدم الأخبار الكثيرة عن رسول الله ÷ في كتابنا هذا مظاهرة لمحكم القرآن وأدلة العقول، في أن قول الله تعالى لا يدخله التكذيب.

  فكيف يصح منك القول بأنا كذبنا رسول الله ÷، ومثل هذا يلزمك بل تكذيب رب العزة تعالى عن ذلك؛ إلا أنك خرجت بهذه الإطلاقات عن الأدب وجاري عادات أهل العلم، ولكنك جعلت ذلك لك جُنة وهي غير نافعة، فعد إلى الصواب فليس بمسيء من أعتب.