كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ردود فقيه الخارقة على القرشي |]

صفحة 294 - الجزء 4

  ضرورة في بغداد - فلسنا نسلم له أن الإمام العباسي يعلم شيئاً من ذلك ثم يقر صاحبه عليه، ولو طلبت تصحيح ما تدعيه لعجزت عنه؛ فصحح ذلك أولاً.

  ثم إنا نعلم أن ناحية إمامك الذي هو متمكن فيها لعل جميعها لا يأتي كبغداد ونعلم أن فيها من حيث المشاهدة من يترك الصلاة ولا يأتي بها رأساً، بل رأينا ذلك في صعدة التي هي مستقر الإمام، ولم نر أحداً من نوابه ينكر ذلك، ولا يقوم به، ولا سمعنا بذلك ولا نقل ناقل، ولقد أقمنا بها مدة فوجدنا الحال كما وصفنا.

  ومن عجيب ما رأينا أنه أتي برجل إلى نائب هذا الإمام فيما ذكر عنه أنه شرب الخمر مع تركه للصلاة، ومعرفة النائب له ومعرفة أهل البلد له بذلك، فجلد أسواطاً على شرب المزر⁣(⁣١)، ولم يطالب بترك الصلاة، كل ذلك قصداً للتلبيس وإظهاراً للتدليس، وأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويغفلون ما سوى ذلك من المفروضات وانتهاك المحرمات.

  بل نعلم أن الظلم أعظم من شرب الخمر من غير شك، وقد وجدنا الظلم في بلاد إمامك فاشياً، ولو كان لا يجوز ذلك لم يكن به راضياً، مع إطباق جماعة من متفقهة فرقته على تصحيح إمامته وتقوية كلمته، انتهاكاً لحرمة الإسلام والمسلمين، وإخلالاً بسيرة الصالحين، وتبديلاً للدين الذي كان في زمن الصحابة والتابعين.

  وأما قوله [أي القرشي]: إن كثيراً من فقهاء اليمن امتنعوا عن جواب إمامه - فلقد أجاب بعضهم بجواب لعله لم يصل إليه، أو وصل إليه فأفحم عن الرد عليه، وامتنع أكثرهم عن الجواب مع معرفته بفنون الكلام ومواقع الخطاب، لعلمه بأن الرسالة الواصلة إليهم من سقط المتاع، وأنها مما ينبغي أن تباع ولا تبتاع، وأنها ليست أهلاً لتضييع الوقت في التشاغل بها والرد عليها، وأن الأولى الإعراض عنها


(١) المِزر: نبيذ الذرة والشعير.