كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على ادعاء الفقيه ظهور المنكرات في بلد الإمام #]

صفحة 299 - الجزء 4

  قال بأنه رأى ذلك في صعدة التي هي مستقر الإمام، ولم ينكره نوابه، فبان خلله في هذا من وجوه:

  منها أنه قال: في مستقر الإمام، ولم ينكر نوابه، وهبْ أنه رأى ذلك في المدينة، مدينة الرسول –عليه وعلى آله الصلاة والسلام - ولم ينكره ساكنها ما كان يلحق النبي ÷ أو ليس مذهب إبراهيم الذي وفى، ألا تزر وازرة وزر أخرى، ولكن هذه شهوة لعرض الإمام، والشهوات يعسر علاجها.

  ومنها: أن ذلك لا يتأتى له العلم به حتى يستوعب الأوقات كلها حفظاً على شخص واحد أو شخوص، وفي ذلك تفوت عليه الفريضة في نفسه، إلا أن يكون الفقيه وأصحابه تناوبوا جميعاً أو أشخاصاً معينة فذلك ممكن.

  وإنما كان ذلك يتأتى في بشار؛ لأنه كان أعمى وكان أصحابه إذا قاموا إلى الصلاة حفظوا أرجاءه بالتراب، وتقدموا للصلاة، ورجعوا يقصون التراب فيجدونه بحاله؛ فهذا شخص واحد مما يعلم بتركه للصلاة بعناية جماعة، فكيف صح للفقيه العلم بذلك من دون حكاية الطريق إلى العلم به، على أمة من الأمم.

  ومنها: أنه قال: لم ير أحداً من نوابه ينكر ذلك؛ فهلا حسّن الظن بالنواب، وأنهم لم يعلموا ما علم إن كان قد علم.

  قال: ولقد أقام مدة فوجد الحال كما وصف - فليت شعري ما حبس عليه هؤلاء الذين يرصدهم في جميع أوقات النهار، فهلا اشتغل أو اشتغلوا، لأن الشهادة عسرة، وقد جاء الشاهد إلى النبي ÷ فسأله عن الشهادة فأراه الشمس فقال: على مثلها فاشهد وإلا فدع، وقال تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٨٦}⁣[الزخرف].

  قال: ومن أعجب ما رأى أنه أتى برجل إلى النائب، فيما ذكر عنه أنه شرب المزر مع تركه للصلاة، ومعرفة النائب له، ومعرفة أهل البلد بذلك، فجلد أسواطاً على شرب المزر، ولم يطالب بترك الصلاة، كل ذلك قصداً للتلبيس،