كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[اختلاف معاملة الناكثين ونحوهم عن معاملة بقية الكفار لا يبطل تسميتهم بالكفر]

صفحة 319 - الجزء 4

  فإن قلت: فقد روي عن جماعة من المفسرين أن المراد بالآية الدعاء إلى قتال الروم أو الفرس.

  فجوابنا: أن ذلك ليس بحجة؛ لأن الذين قالوا ذلك لم يرجعوا إلى رواية تقوم


= وقول النبي ÷: «يا معشر المسلمين لا تخالفوا علياً فتضلوا، ولا تحسدوه فتكفروا» من حديث أخرجه محمد بن سليمان عن ابن عباس، وأخرجه محمد بن منصور عن زيد بن علي عن آبائه عن علي $.

وقوله ÷ في علي #: «وهو إمامكم بعدي، فمن رضي بذلك لقيني على ما فارقته عليه، ومن غَيَّر وبَدَّل لقيني ناكثاً بيعتي، عاصياً لأمري جاحداً نبوءتي»، من حديث أخرجه أيضاً عن الإمام محمد بن عبدالله وأخيه يحيى بن عبدالله عن أبيهما عن جدهما عن علي $.

وقوله ÷: «ألا إن الناكثين ولا ية علي هم الخارجون من ديني» أخرجه عن حذيفة من حديث طويل أبو العباس الحسني.

[اختلاف معاملة الناكثين ونحوهم عن معاملة بقية الكفار لا يبطل تسميتهم بالكفر]

وأما عدم سبي مثل نساء الناكثين، وحل مناكحتهم، وعدم تحريم أزواجهم؛ بسبب الكفر والردة [يعني: الكفر بضرب بعضهم رقاب بعض المشار إليه بقوله ÷: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» والردة المشار إليها في قوله ÷: «إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى» بعد قوله: «فأقول: أصحابي أصحابي»]، ونحو ذلك فهو لا يمنع من كفرهم، واختلاف المعاملة واقع من الشارع، كمعاملة المنافق والكتابي، وأما قوله ÷: «بمنزلة فتنة» جواباً على علي # في قوله (يا رسول الله أأنزلهم بمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة؟

فالظاهر أن المراد به المعاملة، وأن معاملة من بغى عليه مغايرة لمن ارتد لا في التسمية.

وقد قال علي # في طلحة والزبير (فكان نكثهما كردتهما ... إلخ)، رواه نصر بن مزاحم.

وقد قال رسول الله ÷: «يقاتلهم على تأويل القرآن يعني الناكثين والقاسطين والمارقين كما قاتلتهم على تنزيله فليست حالهم الثانية، بدون حالهم الأولى» من حديث رواه كثير من المحدثين قاله ابن أبي الحديد، ويأتي الحديث بطوله في الحاشية، تمت.

وعلى أنه لا دلالة في الآية [أي آية: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ ..} الآية [الفتح: ١٦]] على إمامة أبي بكر ولا عمر ولو كان على ما ذهب إليه الفقيه من الاختلاف في تفسيرها على ثلاثة أقوال؛ لأنه إن كان الواقع أن المدعو إليهم أهل اليمامة، فلا دلالة على إمامة عمر، وإن كان أهل فارس فلا دلالة على إمامة أبي بكر. فلم يبق وجه للفقيه ولا غرض إلا الاستدلال على إبطال إمامة علي #.

فالجواب: ما أشار إليه الإمام من احتمال أن الداعي رسول الله ÷ وأن المدعو غير ما ذكره الفقيه، و أن الدعاء لا يستلزم الإمامة ... إلخ، تمت.