[جواب الفقيه على إبطال الشيخ محيي الدين القرشي لإمامة أبي بكر]
  بها حجة، وليس ما قالوه أولى من الأقوال التي روينا من قبل، أن المراد ثقيف، أو حنين، أو غير ذلك؛ وجملة الأمر أن ذلك هو قول مخالفنا فلا يحتج به علينا.
  ومنها: أنا لو سلمنا أن المراد بالدعاء هو دعاء أبي بكر، فليس في الآية ما يوجب كونه إماماً؛ لأنه ليس فيه أكثر من أن الدعاء إلى القتال سيقع للمخلفين من الأعراب، فإن أطاعوا أثابهم الله أجراً حسناً وإن تولوا عذبهم الله، وهذا لا يقتضي إمامة أحد على وجه من الوجوه؛ لأن الدعاء إلى قتال الكفار واجب وإن لم يكن إمام كما يقع من الإمام، وقد تكون إجابة الداعي إلى القتال واجبة وإن لم يكن إماماً في بعض الأحوال؛ لأن المسلمين لو خشوا بوادر الكفار والبغاة متى لم يبادروا إلى قتالهم، فانتصب أحدهم للدعاء إلى ذلك، وغلب على الظن أنه إن لم يُجَب لحق الإسلام ضرر عظيم؛ لكانت إجابته واجبة وإن لم يكن إماماً، ولا كان ممن يصلح للإمامة؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يصلح له كل واحد إذا دعا إلى ذلك على شرائط مخصوصة.
  وأما قوله تعالى: {فَإِنْ تُطِيعُوا}[الفتح: ١٦]، فإن حُمِلَ على أن المراد تطيعوا الداعي إلى القتال لم يدل على الإمامة، لما بينا أن الداعي إلى القتال قد تكون إجابته طاعة وإن لم يكن إماماً.
  وإن حُمِلَ على أن المراد به فإن تطيعوا الله في إجابة هذا الداعي، كان أبعد من ادعاء الإمامة، فثبت بما بينا أن ظاهر الآية لا يقتضي إمامة أبي بكر على ما ذهبت إليه، والله الهادي إلى الرشاد.
[جواب الفقيه على إبطال الشيخ محيي الدين القرشي لإمامة أبي بكر]
  فأقول والله الموفق: أول دليل على عدم إنصاف هذا الرجل، وغلبة جهله، وقلة علمه، وقلة دينه؛ أنه عمد إلى ما أورده في أبي بكر من الفضائل والدلائل التي استحق بها الإمامة، والانتصاب للزعامة؛ فأهمل جميعها، ولم يذكر منها إلا نبذة يسيرة؛ لأنه علم أنه لو ذكرها لم يقدر على الرد عليها، ولا على التخلص منها.