[جواب الفقيه على إبطال الشيخ محيي الدين القرشي لإمامة أبي بكر]
  وكان إما أن يخرج عن مذهبه، وإما أن يتحير فيفتضح، ولو كان ما ذهب إليه كافياً في الجواب لم يعجز كل أحد عن جواب ما ورد عليه بترك أكثره والجواب عن اليسير منه، ليقال: إنه قد أجاب، وليس ذلك بمخلص له، ولعمري من كان هذا حاله فلا ينبغي مكالمته ولا مفاتحته، بل الإعراض عنه أولى، ولكن قد لزم من هذا الأمر ما لزم، والله تعالى يحكم في هذا بما علم.
  أما ما قال من فضائل أبي بكر: إن لم يحبطه بما فعله - فلقد شهد الله تعالى، ورسوله، وعباده الصالحون من أهل بيته وغيرهم؛ بنزاهة أبي بكر وطهارته، وإخلاصه وورعه وتقواه، وأخبر الله تعالى ورسوله عن حاله ومآله، وشهدا بتزكية أقواله وأفعاله، وأخبر النبي ÷ بالخبر المشهور والمعروف غير المنكور، بأن أبا بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ما خلا النبيين والمرسلين، وقد ذكرنا هذا الحديث من قبل مسنداً.
  فلم يكن قصد هذا الجاهل إلا تكذيب الله ورسوله، ولقد كان الإعراض عنه من مهمات الدين، لولا المخافة بأن ينظر في رسالته جاهل مثله، فيغتر ببعض أقواله، أو يلتبس عليه بعض زيفه ومحاله.
  أما ما ذكر من أن المراد به ثقيف، ثم روى رواية أخرى فقال: هم هوازن يوم حنين، ثم قال بعد ذلك هم هوازن وثقيف - وهذا كما ترى ينقض بعضه بعضاً، ويتبع إبرامه نقضاً.
  على أن الروايات التي ذكرها غير مسندة ولا مقبولة عند أهل الحديث لأنه قال: روى عن أبي روق، عن الضحاك قال: هم ثقيف؛ ثم قال: وروى هاشم بن أبي بشر عن سعيد بن جبير، وقتادة قال: هم هوازن يوم حنين، وروى الواقدي عن معمر، عن قتادة قال: هم هوازن وثقيف.
  وهذا لا يخلو إما أن يكون لا معرفة له بالنقل فأورد كيف اتفق، أو لم يقدر على تصحيح ذلك وإسناده، كما يشترط ذلك أهل الحديث، وهو أقرب الوجهين