كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الفقيه على إبطال الشيخ محيي الدين القرشي لإمامة أبي بكر]

صفحة 322 - الجزء 4

  وأولاهما، فكل هذه الروايات منقطعة لا يُعرَّج على شيء منها.

  ولو أردنا إيراد روايات مسندة من طريق النقل الصحيح أن المراد ما ذكرنا لأمكنا ذلك، لكنا نذهب إلى طريق هي أخصر شيء من هذه الطريق، وأقرب إلى المقصود فنقول: اعلم أولاً أن الاستدلال بهذه الآية على إمامة أبي بكر ليس هو عمدة الدليل الذي يستدل به على إمامته؛ بل هو فرع من فروع الأدلة التي أغفل هذا الرجل ذكرها؛ عجزاً عن الجواب عنها، وحسداً على ما من الله به على الصديق من الفضائل، وما خصه به من الوسائل.

  ثم قد بان سقوط هذه الروايات التي رواها، لانقطاعها وعدم اتصالها، فنقول: قد أخبر الله ø في هذه الآية أن الدعاء إلى قتال الكفار بقوله تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}⁣[الفتح: ١٦]، وقد دل الدليل الذي لا يدفع بأن أبا بكر الصديق هو الذي قاتل المرتدين بعد النبي ÷ لا يدفع هذا دافع، ولا ينكره منكر، وقد قال ø: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}⁣[المائدة: ٥٤]، وهذه إنما هي صفة أبي بكر⁣(⁣١)، وصفة من جاهد معه المرتدين.


(١) قال ¥ في التعليق: قال الثعلبي نزلت في علي، ورواه المرتضى الموسوي عن ابن عباس، وعن عمار وعن علي، ذكره الحاكم.

ولعمري إن الأحق بها من ثبت بالأدلة القطعية أنه «يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله» بأحاديث خيبر، وأنه «أحب الخلق إلى الله ورسوله» بأخبار الطير، فكيف يجوز أن يعدل بالآية إلى من أغضب فاطمة بالأخبار الصحيحة، وقد ثبت بالأخبار المعلومة: أن الله يغضب لغضبها؟ وأين العزة في أبي بكر، ولم يخدش كافراً، ولم يبرز مبرزاً، ولا سُمِعَ له بنكاية في عدو؟ وإنما رفع من شأنه وشأن صاحبه إستلابهما للخلافة بميل قريش وأولي الحسد والأحقاد، وبالأخبار الموضوعة مراغَمةً لبني هاشم، إن هذا لا يخفى على ذي لب، ولم تصبه الدعوة النبوية فتأمل موفقاً إن شاء الله. تمت كاتبها.

ويأتي الحديث عن ابن عباس من طرق في علي، وفيه: «يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ..» إلخ، يأتي قريباً. ثم إنه لو لم يُروَ أنها نزلت في علي فيحتمل أن المراد بها من ارتد على عهد رسول الله ÷ =