كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان حكم علي (ع) في أهل الجمل]

صفحة 341 - الجزء 4

  فلان صالح تقي مؤمن زكي فيحسن ذلك، بخلاف قولنا: باغي؛ فإنه لا يحسن توسطه بين أوصاف المدح، فلا يجوز أن يقال: فلان مؤمن بر تقي باغٍ صالح زكي؛ كما لا يجوز أن يقال هو بر تقي أسود صالح زكي.

  فإذا كان لا يحسن ذكر الأسود لأنه ليس بمدح وإن لم يكن ذماً، فلأن لا يحسن ذكر الباغي لما كان اسم ذم أولى.

  وأما أنه لا يستحق التعظيم فهو إجماع، كما في الفاسق سواء، وكذلك لا يسمى كافراً لأن الكافر اسم لمن ينكر الصانع تعالى والنبوة وأمثالهما، وحكمه تحريم الموارثة، والذبيحة، والدفن في مقابر المسلمين، وليس ذلك حكم الباغي ولا اسمه.

  وإذا ثبت ذلك، حمل ما ورد من الآيات والأخبار على الإيمان اللغوي، وهو التصديق والإقرار فقط، دون اسم الإيمان الذي هو القول والعمل والاعتقاد وهذا ظاهر.

  وبطل قول الفقيه: إنا لم نأت بدليل ولا حجة، ولأنه بإضافة الأقوال والأفعال إلى خصمه خرج بذلك من مذهبه الفاسد؛ لأن عنده أن كلما أنكره على خصمه هو فعل الله تعالى وإرادته، فأي خذلان أعظم من هذا.

[بيان حكم علي (ع) في أهل الجمل]

  وأما قوله [أي الفقيه]: وقد روى محمد بن جرير الطبري في تاريخه أن علياً # ارتقى إلى عائشة ^ فقال: أي أمه غفر الله لنا ولكم؛ قالت: غفر الله لنا ولكم.

  ولما فرغ من قتال الجمل أقام في عسكره ثلاثاً لم يدخل البصرة، وندب الناس إلى موتاهم فخرجوا إليهم، فدفنوهم، فطاف علي # في القتلى معهم فلما أُتِي بكعب بن شور، قال: زعمتم أن ما خرج معهم إلا السفهاء وهذا الحبر قد ترون، وأتى على عبدالرحمن بن عتاب فقال: هذا يعسوب القوم يقول الذين كانوا يطيقون به؛ بمعنى أنهم كانوا قد أجمعوا عليه ورضوا به لصلاتهم.