كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان حكم علي (ع) في أهل الجمل]

صفحة 342 - الجزء 4

  وجعل علي كلما مر برجل فيه خير يقول: كذب من زعم أنه لم يخرج إلينا إلا الغوغاء، هذا العابد المجتهد.

  وصلى على قتلاهم من أهل البصرة وأهل الكوفة، وصلى على قريش من هؤلاء وهؤلاء، وجمع ما كان في العسكرين من شيء ثم بعث به إلى مسجد البصرة ثم قال: من عرف شيئاً فليأخذه إلا سلاحاً كان في الخزائن عليه سمة السلطان، فإنه لما بقي ما لم يعرف قال لأصحابه: خذوا ما أجلبوا عليكم من مال الله، لا يحل لمسلم من مال المسلم المتوفى شيء، وإنما كان ذلك السلاح في أيديهم من غير تنفيل من سلطان.

  وروى محمد بن جرير الطبري عن عبدالرحمن بن جندب الأزدي، عن أبيه وكان من أهل صفين، قال: إن علياً # كان يأمرنا في كل موطن لقينا فيه معه عدواً فيقول: لا تقاتلوا القوم حتى يبدأوكم فأنتم بحمد الله على حجة، وترككم لقتالهم حتى يبدأوكم حجة أخرى لكم، فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم، فلا تقتلوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا ستراً، ولا تدخلوا داراً إلا بإذن، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهجوا امرأة بأذى، وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف القوى والأنفس.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن هذه الآثار عندنا وسواها، ولكن الفقيه جمع الأحكام حكماً واحداً، وهو أراح عليه من البحث الذي هو طريقة أهل العلم.

  وأما أهل الجمل فإن علياً # لما فرغ من أمرهم وخطب الخطبة الجامعة، بعد ندائه بالصلاة جامعة في المسجد الجامع، وحكى فيها من العلوم والملاحم ما جعله الله أهله، وقال في آخرها: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أن لو أَشاءُ