[بطلان أستدلال الفقيه على إمامة أبي بكر]
  غير إذن الإمام، لكان للإمام تعزيرُه على ذلك لاجترائه عليه، وإن كان القتل مستحقاً، ولا يجوز لآحاد المسلمين الانتصاب في هذا وأمثاله لما يحتاج إليه في هذا من الاجتهاد، ولما يعرض فيه من الأحكام التي لا يقوم بتحمل أعبائها إلا الإمام.
  فبان بهذا أن هذا ليس مما ذكرت بسبيل، ولا يأمر الله ورسوله بطاعة أحد وإجابة دعوته إلا إذا كان على حق فيما يدعو إليه ويحض عليه.
  على أنه لا يجوز أن يبادر إلى قتال البغاة ما داموا كافين عن القتال، وغير مريدين له بحال من الأحوال، لما ذكرنا من حديث علي # في أهل صفين، ففي الآية صفة الدعاء إلى القتال، وقد بان أنه على غير الوجه الذي ذكره وفرض وجوده، فدل على أنه دعاء إمام الحق، والآية التي ذكرناها من قبل تؤيد ذلك وتشهد له، فتأمل ذلك ترشد إن شاء الله تعالى.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن ما ذكره هاهنا لا يمنع من أن تكون إجابة الداعي واجبة سواء كان إماماً أو دافعاً عن حوزة المسلمين.
  وأما اعتلاله بأن العرب كانت ترضى من أبي بكر بأن يقرها على ترك الزكاة.
  فالجواب: أنه لا حجة له فيه على اختصاصه بالآية، من حيث كانت العرب ترضى بتقريرهم على ترك الزكاة، وإن لم تكفر بسائر الشرعيات؛ لأن لفظ الدعاء يوجب الإجابة سواء كان لمن كان مرتداً بإنكار النبوة رأساً أو مانعاً لشيء من الواجبات التي قد عُلِم وجوبها من الدين.
  فتخصيص أبي بكر بالآية لأجل ما ذكرنا لا يصح، وقد دخل تحت ما ذكرنا جواب حكايته للخلاف بين الصحابة، وأن منهم من قال: كيف نقاتلهم وقد قال النبي ÷: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» وكذلك قول أبي بكر: لو منعوني عناقاً أو قال عقالاً ... إلى آخره.
  على أنه لو طالبه مطالب فقال له: من أين لك أن العرب كانت ترضى من أبي