[الرد على دعوى الفقيه خروج أبي بكر وجده لقتال أهل الردة]
  فِداً لبني ذِبْيَان رَحْلِي ونَاقَتِي ... عَشِيَّةَ يَحْدِي بالرجال(١) أبو بكرِ
  عَشِيَّةً طَارَتْ بالرجالِ ركابُها ... ولله جُنْدٌ ما يَطِيرُ ولا يَجْرِي
  ولكن يُدَهْدَى بالرِّجَالِ فَمَسُّهُ ... إلى قَدَرٍ ما إنْ يَزِيدُ ولا يَجْرِي
  وللهِ أجْنَادٌ تُذَاقُ مُذَاقُه ... لِيُحسب فيما عُدَّ مِنْ عَجَبِ الدَّهْر
  وفي ذلك أشعار كثيرة وأخبار جمة، ليس الغرض تقصيها(٢)؛ لأن الكتاب لم يوضع لذلك، وإنما نذكر بعض ما يعرض مما لا بد منه؛ فكان ذكر ذلك في مقابلة قول الفقيه: خرج إليهم أبو بكر وحده حتى لحقه المسلمون، فعجبنا من هذا التسرع الخارج عن المعتاد والمعقول.
  أما المعتاد فالمعلوم إقحام عمرو بن عبد ود العامري على الناس الخندق، ودعا إلى البراز، وأبو بكر في كبة المسلمين فلم يتسرع إليه وهو وحده، ولا يُسْتَنْكَر خروج فارس لفارس، بل هو المعلوم في العوائد حتى برز له علي # فقتله.
  ثم يوم خيبر ساق الناس مرحب اليهودي وهو في أوباشه من اليهود، وأبو بكر أمير الجيش، فلم ير أن يعطف عليه فيريح الناس من شره.
  وأما المعقول فكيف يُعقَل خروج رئيس وحده إلى جيوش خلفها جيوش؛ لأنهم لما فعلوا ما فعلوا تقوت قلوب أهل الردة، وظنوا أن الله تعالى يخذل دينه، وبعثوا إلى أهل ذي القصة بالخبر، فقدموا عليهم اعتمالاً في الرأي ولا يشعرون بأمر الله.
  وبات أبو بكر ليلته يتهيأ فعبأ الناس، ثم خرج على تعبئته من أعجاز ليلته يمشي، على ميمنته النعمان بن مُقَرِّن، وعلى ميسرته عبدالله بن مُقَرِّن، وعلى
(١) بالرماح (نخ).
(٢) تفصيلها (نخ).