[حوار حول صلاة أبي بكر وإبطال كلام الفقيه]
  وكذلك قوله ÷: «يا صويحبات يوسف» وقد رواه الفقيه في أحد أخباره، غير أنه عين ذلك في عائشة وحدها، ولو كان الفقيه هو الذي روى ما ذكرنا لكان عنده أنه لا طعن فيه بل يكون حينئذ صحيحاً.
  وكذلك ما أنكره من سائر ما ورد في الخبر، فالمنكر لكلمة منه كالمنكر لسائره؛ لأن طريقه واحدة، ولو علم الفقيه أن لله عباداً يحفظون أديانهم عما يبطلها، وأعراضهم عما يدنسها؛ لم يتسرع إلى التكذيب لمن لا يقصده ولا يرى جوازه على وجه من الوجوه.
  وكذلك تحكمه على من روى له خبراً بأن يروي له أوله وآخره بعد أن حكى له ما يستدل به على مراده، فإنه أيضاً لا يجب ولا يلزم، بل جميع ما ذكره هاهنا تحكّمات محضة، ما نعلم أنه سبقه إلى طلبها أحد من العلماء.
  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله [أي القرشي]: دل على بطلان نقلهم من وجوه ثلاثة؛ فقد بينا أن ما ذكره لا يحتج به أصلاً، ولم يعد من جملة الحديث، بل هو منقطع الأول والآخر، ولا بد من الكلام عليها واحداً واحداً.
  فنقول: قال القدري: أولها قوله [÷]: «فليصل بالناس من شاء»، وذلك لا يدل على أن ذلك يختص بالأئمة فليس كما زعم، ولم يقل النبي ÷ ذلك على سبيل التخيير، وأنه من شاء فليصل، وإنما قال ذلك عند غلبة الوجع عليه، ولهذا أن النقل الصحيح أنه قال: «يا بلال، قد بلغت فمن شاء فليصل ومن شاء فليذر».
  ولا يجوز أن يأمر النبي ÷ بترك الصلاة، أو يخير الناس بين تركها وفعلها، فلما أفاق النبي ÷ وتحقق الحال قال: «مروا أبا بكر فليصل».
  ويدلك على هذا أن عمر لما صلى حين غاب أبو بكر قال النبي ÷: «فأين أبو بكر؟ يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون» ثم أمر النبي ÷ أبا بكر فأعاد تلك الصلاة.