كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حديث: الحدائق السبع وبكاء النبي ÷ من ضغائن القوم التي يبدونها من بعده]

صفحة 460 - الجزء 4

  سعد بلحية عمر ثم قال: والله لئن⁣(⁣١) حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة؛ فقال أبو بكر: مهلاً مهلاً يا عمر هاهنا الرفق أبلغ؛ فأعرض عنه عمر.

  فقال سعد: أما والله لو أن لي من قومي ما أقوى على النهوض لسمعت مني في أقطار المدينة وسككها زئيراً يحجرك وأصحابك، أما والله إذاً لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعاً غير متبوع، احملوني من هذا المكان؛ فحملوه فأدخلوه داره.

  فترك أياماً؛ ثم بعث إليه: أن أقْبِل فبَايِعْ فقد بايعَ الناس وبايعَ قومك؛ فقال: أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبلي، وأخضب منكم سنان رمحي، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي، وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي فلا أفعل، وايم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي.

  فلما أبى ذلك أبو بكر قال له عمر: لا تدعه حتى يبايع؛ فقال له بشير بن سعد: إنه قد لج، وليس بمبايعك حتى يُقتَل، وليس بمقتول حتى يُقتَل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته، فاتركوه فليس تركه بضاركم، إنما هو رجل واحد؛ فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد، واستنصحوه لما بدا لهم منه.

  فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يجتمع معهم، ويحج ولا يفيض معهم بإفاضتهم، فلم يزل كذلك حتى هلك أبو بكر.

  قال: حدثني عبيدالله بن سعد، قال: أخبرني عمي، قال: أخبرني سيف بن عمر، عن سهل وأبي عثمان، عن الضحاك بن خليفة، قال: لما قام الحباب بن المنذر انتضى سيفه وقال: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، أنا أبو شبل في عريسة الأسد يعزي إلى الأسد؛ فحامله عمر فضرب يده فندر السيف فأخذه، ثم وثب على سعد ووثبوا على سعد، وتتابع الناس على البيعة ووُطِئ سعدٌ،


(١) لو (نخ).