كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[سياسة أبي بكر في تقسيم المناصب لاستمالة من تخلف عنه]

صفحة 472 - الجزء 4

[سياسة أبي بكر في تقسيم المناصب لاستمالة من تخلف عنه]

  فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة بن شعبة حتى دخلوا إلى العباس ليلاً؛ فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثم قال: إن الله بعث محمداً نبياً، وللمؤمنين ولياً، فمنَّ عليهم لكونه بين أظهرهم حتى اختار له ما عنده، فخلى عن الناس أمورهم ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم متفقين، فاختاروني عليهم والياً، ولأمورهم راعياً؛ فوليت ذلك وما أخاف بعون الله وتسديده وَهَناً، ولا فترة ولا جبناً، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

  وما انفك عما يبلغني عن طاعن يقول الخلافة على عامة المسلمين فيجدكم لجأ تكونون حصنه المنيع، وخطبه البديع؛ فإما دخلتم مع الناس فيما أجمعوا عليه، وإما صرفتموهم عما مالوا إليه، وقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيباً يكون لك ولمن بعدك من عقبك؛ إذ كنت عم رسول الله ÷ وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان صاحبك، فاغدوا على رسلكم يا بني هاشم فإن رسول الله ÷ منا ومنكم.

  فقال عمر بن الخطاب: إي والله، وأخرى أنَّا لم نأتكم لحاجة إليكم ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما أجمع عليه المسلمون، فيتفاقم الخطب بكم وبهم فانظروا لأنفسكم.

  فحمد الله العباس وأثنى عليه وقال: إن الله بعث محمداً –كما وصفت - نبياً وللمؤمنين ولياً فمنّ على أمته به حتى قبضه الله إليه واختار له ما عنده؛ فخلى على المسلمين أمورهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين الحق غير مائلين عنه بزيغ أو هوى؛ فإن كنت برسول الله ÷ تطلب فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم فما تقدمنا في أمرك برضا، ولا طلبنا وسطاً، ولا نرضى سخطاً.

  وإن كان هذا الأمر إنما وجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنا كارهين، وما أبعد قولك: من أنهم طعنوا عليك، وقولك: إنهم اختاروك ومالوا إليك، وما