كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[سياسة أبي بكر في تقسيم المناصب لاستمالة من تخلف عنه]

صفحة 473 - الجزء 4

  أبعد بين تسميتك خليفة رسول الله ÷، وبين قولك: إن رسول الله ÷ خلى على الناس أمورهم ليختاروا فاختاروك.

  وأما ما قلت: إنك تجعل لي حقاً؛ فإن كان حقاً للمؤمنين، فليس لك أن تحكم فيه، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض.

  وعلى رسلك فإن رسول الله ÷ من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها؛ فخرجوا من عنده.

  وممن تخلّف عنه أبو سفيان بن حرب فقال: أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم، وقال لعلي: امدد يدك أبايعك عليَّ وعلى ولد قصي، وقال أبو سفيان بن حرب في ذلك:

  بَنِي هَاشِمٍ لا تُطمِعوا النَّاسَ فِيْكُمُو ... ولا سِيمَا تِيْم بنُ مُرَّةَ أَوْ عَدِي

  فَمَا الأمْرُ إلا فِيْكُمُو وَإِلَيْكُمُو ... وليسَ لَهَا إلا أبو حَسَنٍ عَلَي

  أبَا حَسَن فَاشْدُدْ بِها كَفَّ حَازِمٍ ... فإنَّكَ بالأمرِ الذِي يُرتَجى مَلِي

  وإنَّ امرأ يَرْمِي قُصَيّاً وَرَاءَه ... عَزِيزُ الْحِمَى والنَّاسُ مِنْ غَالبِ قُصي

  وكان خالد بن سعيد غائباً في اليمن، فقدم فأتى علياً # فقال: هلم أبايعك فوالله ما في الناس أولى بمقام محمد منك⁣(⁣١)، إلى غير ذلك من القصص المأثورة في التواريخ والسير، مما لو تتبعناه لاتسع فيه الخطاب وعظم فيه الرد والجواب، وسنعيد شطراً مما رواه الثقات من علماء أهل بيت النبي ÷ في


(١) قال ¥ في التعليق: وقد روى نحوه ابن عبد البر بإسناده إلى ابن إسحاق عن عبد اللَّه بن أبي بكر: أن خالد بن سعيد تربص ببيعته شهرين، ولقي علياً، وقال: لقد طبتم يابني عبد مناف عن أمركم يليه غيركم. وأن عمر أضطغنها عليه حتى لاحظ أبا بكر في أن يعزله. ذكره في الاستيعاب، وكذا رواه أبو جعفر الطبري في تاريخه، وفيه: أن أبا بكر كان قد ولى خالداً على ربع الشام، فقال له عمر: أتؤمره أتوليه، وقد قال ما قال؟! فعزله أبو بكر.

فتأمل كيف أطاع أبو بكر عمر في خالد بن سعيد؛ لأجل الهنات على علي، ولم يطعه في خالد بن الوليد، وجرمه أطم! بل لا جرم لابن سعيد إلا تلكيه عن بيعة أبي بكر، وميله إلى بني عبد مناف.