كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[استدلال الفقيه على إمامة أبي بكر - والرد عليه]

صفحة 484 - الجزء 4

  وأما قوله: والحديث الثاني بالسند الذي ذكرته في رسالتي هذه إلى مسلم بن الحجاج القشيري وقد ذكره البخاري والترمذي ونقل في عامة كتب السنن عن النبي ÷ حدثنا مسلم قال: حدثنا عباد بن موسى، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: أخبرني أبي، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه: أن امرأة سألت النبي ÷ شيئاً فأمرها أن ترجع إليه فقالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك –تعني الموت -؟ قال: «فإن لم تجديني فأتي أبا بكر».

  وقد روي هذا الخبر من غير طريق فما تقول: ألهذا معنى سوى إمامة أبي بكر بعد النبي ÷؟ فأظهر لي ذلك واستدل عليه؟

  فالجواب [المنصور بالله]: أن قوله سألت رسول الله ÷ شيئاً ليس فيه ما ذلك الشيء؟ هل هو من باب الدنيا كالعطاء وشبهه، أو من باب الدين كالإفادة وشبهها؟ وأي ذلك كان فهو لا يدل على إمامته إذ العطاء لا يختص بالأئمة بل باب الصدقة والتفضل مفتوح لكل متمكن.

  وإن كان في الفتيا فأبو بكر لا يختص بذلك دون سائر العلماء، وكان ذلك لا يدل على الإمامة؛ إذ قد يفتي العالم وإن لم يكن إماماً؛ فما هاهنا ما يدل على الإمامة.

  وفي ذلك دلالة على معجزة للنبي ÷ حيث أخبر أن أبا بكر يعيش بعده فكان كما أخبر، وإن كان ذلك يدل على فضل أبي بكر في تلك الخصلة التي تختص بجواب المرأة وإن لم نعرفها فلا مانع من حصول تلك الخصلة لغيره من الصحابة، ولا يمتنع أن تعلق المصلحة بسؤالها لأبي بكر والتكاليف مصالح والمصالح غيوب، ولا يعلم الغيب إلا الله أو من ارتضى من رسول لتعليمه، فأعلم رسوله بذلك وأعلمها؛ فما في هذا دلالة على الإمامة.

  وعلى كل حال فدلالة ذلك على الإمامة بعيدة جداً؛ لأنه ليس في الكلام ما يدل عليها لا لفظاً ولا معنى، وذلك بخلاف قوله ÷ لعلي #: «إنك ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين» فاستدل على بقائه بعده ÷ ويدل بمعناه على