كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[استدلال الفقيه على إمامة أبي بكر - والرد عليه]

صفحة 486 - الجزء 4

  الاقتداء، وإن كان في سائر أمور الدين فليس ذلك بخاص لهما دون سائر الصحابة، وإن كان خاصاً لهما فلا يجوز أن يريد به الإمامة لأنه ÷ جمعهما، والإمامة لا تثبت لاثنين في وقت واحد بحيث يجب اتباعهما معاً في الحال، وظاهر الأمر يقتضي وجوب الإتباع في الحال، فلا ينقلب علينا في الاستحقاق، وإن لم يثبت الوقوع في الحال.

  ثم قال [أي الفقيه]: قال: وحدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز، قال: حدثنا بندار محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال المطرز: وحدثنا عمر بن علي، قال: حدثنا أبو عامر جميعاً عن سفيان الثوري، عن عبدالملك –يعني ابن عمير - عن مولى ربعي، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله ÷: «اقتدوا بالذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر».

  وقد نقل هذا في غير كتاب من كتب أهل السنة، ولو أردت أن أتتبع ما ورد في أمر الصديق من أمثال هذه الأحاديث لخرج عن الحصر، إنما أردت الاختصار والتنبيه على ما ذكرته في أبي بكر شيخ الافتخار.

  فما تقول في هذه الأحاديث؛ أهي أظهر وأجلى فيما يراد بها؟ أو قول النبي ÷: «من كنت مولاه فعلي مولاه»، و «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»؟ لولا عدم الإنصاف والإقامة على إظهار الخلاف.

  وهل أمر النبي ÷ لأمته بالاقتداء بعده بأبي بكر وعمر لا يحتمل بظاهره الوجوب، فالعدول عنه خلاف لله ولرسوله ÷ وعناد لهما، وهل يسوغ أن يأمر النبي ÷ بالاقتداء بهما إلا وقد علم أنهما على حق فيما قالا أو فعلا؟ وهل هذا إلا تصريح بالإمامة وإلا فأخبرني ما معناه؟ واستدل عليه.

  وإن قلت: هذه أحاديث آحاد فلا يؤخذ بها، فليس في يديك من جميع ما تدعيه وتحتج به في إمامة علي # إلا معاني أحاديث آحاد بزعمك، ولا تقدر على دفع هذا ولا إنكاره، فما أجبت به في ذلك فهو جوابنا في هذا.