[إبطال دعوى الفقيه وتفنيد أقواله]
  فإذا عرفت ما ذكرنا نظرت فيما يرد من الأخبار خبراً خبراً، وبنيت على ثبوت إمامته # إذ قد ثبتت بالنص، وبطلت إمامة من سواه من أبي بكر وعمر وعثمان، إذ ما يرومونه من الأدلة على صحتها لا ثبات له على ما ذكرناه في مواضع من رسالتنا هذه ما يليق به من ذلك.
  ثم نقول: أما الخبر الأول وهو رواية من طريق القاضي أحمد بن علي، وفيه: أنه لما مات النبي ÷ واجتمعت الأنصار إلى سعد، وأتاهم أبو بكر وعمر، وخطب خطباؤهم وتكلموا بما ذكر، وتكلم زيد بن ثابت بأمر مجمل، ثم تكلم عمر وأخذ بيد أبي بكر فقال: هذا صاحبكم فبايعوه.
  فالجواب: أن قول عمر هذا صاحبكم فبايعوه، ليس بحجة ولا أقام على صحة قوله هذا دلالة؛ بل فيه صريح التقليد في أمر من أهم أمور الدين؛ فكيف يحتج بهذا اللفظ، وما ذكر بعده من طلب علي والزبير والكلام منه لهما وجوابهما ففيه وجهان:
  أحدهما: أن الإمامة لأبي بكر لم تثبت بقول عمر: هذا صاحبكم فبايعوه.
  والثاني: أن الذي لأجله سكت علي # عن النكير على أبي بكر، بعد أن تعرض له أبو بكر بقوله: أردت أن تشق عصا المسلمين، يقتضي إجابته بما قاله من زوال التثريب وشبهه؛ لأن التثريب تنبيه على إساءتهم إليه في تقدمهم عليه، كما حكى الله تعالى من قول يوسف # لأخوته أولاد يعقوب: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ}[يوسف: ٩٢]، في مقابلة الجرم الكبير إليه # ولو طلب منه في ذلك الوقت أوفى من ذلك مما له مساغ في التقية لفعله؛ فإن الإكراه يبيح النطق بكلمة الكفر فكيف بما ليس بكفر من قول أو فعل، فلا حجة له في هذا.
  وأما رواية الآجري عن علي #: أما بعد فإن الإمارة لم يعهد إلينا رسول الله ÷ فيها عهداً؛ فأقرب ما فيه أنه # اقتصر على لفظة الإمارة الذي يفيد السلطنة الدنيوية ليستقيم حال الرعية، فإنهم لما عدلوا عنه # رأى المساعدة