كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تأول الفقيه لأحاديث الالتزام بأهل البيت (ع) وتجهيله للإمام زيد (ع) - والرد عليه]

صفحة 509 - الجزء 4

  المعرفة؛ لأنه يطابق اللغة الحارثية، وهم من صميم العرب، وقد نطق رسول الله ÷ بكلام كثير من العرب حتى روي عنه: «ليس من امبر امصيام في امسفر» ولكن أعماه العجب حتى جهل الصواب.

  وكذلك إذا وجد في سماع سواه ما لا يعرفه هو وهو حجة عليه أنكره وقال: هذه الزيادة من كيسك فصارت المكالمة معه على هذه الأحوال والبلوى كمكالمة الجهال من أعظم المشاق، وأصعب الخلال، ورضا الناس غاية لا تنال.

  وأما إنكاره لخبر عدي بن حاتم وعتبه في الإعراب، فهو من جنس ما تقدم، من أنه لا يقبل إلا ما وافق مذهبه؛ فأما رواية الخبر بالطريق الموثوق به، فقد حكيناه عن عالم مشهور وفي كتاب مشهور عن قوم معروفين غير مجهولين، لكن الفقيه اعتمد على أن ما وافق مذهبه وروايته فهو الحق وما لم يعرفه أو خالف ما عنده فهو الباطل، وهذه من جملة جهالاته.

  فإن من الواجب قبول الحق متى استبان، وطلبه أينما كان، قال رسول الله ÷ فيما رويناه عنه بالإسناد الصحيح: «واقنع بقبول الحق من حيث ورد عليك».

  وروينا عنه ÷ بالإسناد الصحيح أنه قال: «أكتبوا هذا العلم عن كل صغير وكبير، وعن كل غني وفقير، ومن ترك العلم لأن صاحبه فقيراً⁣(⁣١) أو أصغر منه سناً فليتبوأ مقعده من النار».

[تأول الفقيه لأحاديث الالتزام بأهل البيت (ع) وتجهيله للإمام زيد (ع) - والرد عليه]

  ولقد بلغ بهذا الفقيه الجهل والعجب بما عنده حتى أنه متى ورد عليه خبر في وجوب الالتزام بأهل بيت النبي ÷ والمحبة لهم؛ تأوله على من قال منهم بمقالته التي هي صريح الجبر والقدر، واعتقاد إمامة أبي بكر وعمر، دون من خالفه في ذلك، وادعى أن ذلك مذهب السلف الصالح من أهل بيت النبي ÷ ورضَّى عنهم، وعيّن منهم الإمام الشهيد الزكي الورع التقي زيد بن علي #.


(١) إن صحّ نصب فقير فكما قال: إن حراسنا أسداً، والذي في أمالي أبي طالب: فقيرٌ بالرفع. تمت من التخريج.