كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تهديد عمر بإحراق بيت فاطمة (ع)]

صفحة 538 - الجزء 4

  عن أمر؛ فإن ذمه الفقيه فهو الذام ربه، والزاري على خالقه، والحامل لذنوبه على باريه، فأي عار أقبح من هذا.

  ثم إذا ذكر مذهبه كان خزياً عليه ونكالاً، وعاراً ووبالاً، وأيضاً فلم يقع من عمر ما روى أنه تهدد به من إحراق المنزل، بل شرطه بعودهم إليه، وقعودهم عن البيعة، وكان بعد ذلك تفرقهم عن منزلها & فبطل ما هذى به.

  ولأن عمر لم يحاول ذلك بِعُدَّةٍ تساوي ولا تثني على علي # ومن معه؛ بل أراد ركوبهم بالدهماء⁣(⁣١)، فقد غالب الأنصار وهم أهل العدد والدار وقال: لما رأيت أسلم وقد ضاقت بهم أزقة المدينة أيقنت بالظهور، وعلي # في عدة يسيرة في جنب الجم الغفير، وأسلم قبيلة واحدة من المهاجرين فكيف بسائر القبائل، وقد كان معاوية في عدة تربي على عدة جيش علي # بدون النصف فكافاه وقاوم، ولكن الفقيه يخبط خبط عشوى.

  وأما قوله [أي الفقيه]: وزعم أن عمر حضر بيته لإحراقه عليه وعلى طلحة والزبير ومن فيه إن لم يخرجوا للبيعة، فخرجوا إليه مبادرين خوفاً من ذلك؛ فيا معشر القدرية ما هذه الأقوال الضعيفة؟ وما هذه العقول السخيفة؟! التي أدتكم إلى أمثال هذه الفضائح، والإخلاد إلى استحسان هذه القبائح.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن الحديث قد ورد بذلك فإن كانت فضيحة فممن هَمّ بما لا يُجوِّزه عقل ولا نقل، وممن لا يُنكِر ما ينكره الشرع والعقل.

  وعلى أن الفقيه أقذع في المقال، ونسي مذهبه الخبيث في أن الله سبحانه خلق الصحيح من الأقوال والمحال، فاللوم عائد عليه سبحانه عندك أيها الظالم لنفسه بسوء اعتقاده في خالقه، وإفراده تعالى بخلق كل كذب وزور، وتلبيس وظلم وبهتان وغرور، وتنزيه الفجرة والفسقة والكفرة عن جميع ذلك، فهو أحق بما ذكر من الأسامي القبيحة، والمعائب الصريحة؛ إذ عاب بزعمه غير معيب، وألزم


(١) الدهماء: العدد الكثير وجماعة الناس؛ تمت قاموس.