[ذكر بقاء عثمان ثلاثا دون أن يدفن، وأين دفن، وأقوال الصحابة فيه]
  فالجواب [المنصور بالله]: أنه # لم يطلب المغالبة والمشاقة، فيقوم معه من يرى رأيه في ذلك، ولأنه # وجميع من امتنع عن البيعة في نهاية الاستضعاف والاستقلال لكثرة من بإزائهم من أتباع أبي بكر، وغير مستنكر ظهور الأكثر على الأقل، ولئن لم يحترم جانب علي # فانتهاك حرمتهم أهون.
  وأما سؤاله [أي الفقيه] عن سبب التأخر عن نصرته هل هو كذا وكذا؟
  فالجواب [المنصور بالله]: أنا قد بينا أن المأموم تابع لإمامه؛ فإن سكت إمامه لزمه متابعته، وعلى أن الذي يلزمنا قبول ما صح لنا سنده من الأخبار، ولا يجب علينا أن نعرف علل تلك الحوادث وأسبابها، فإن ورد فيها ما يمكن أن يكون سبباً لها بطريق صحيح قُبِل، وإن لم يرد لم نجعل الجهل بالسبب ذريعة إلى إنكار الأخبار رأساً؛ بل هذه جهالة ممن سلكها، فإنه لا يجوز إنكار شيء مما فعله الله تعالى متى لم يعرف الغرض به والسبب في حصوله، ووجه الحكمة على التفصيل في فعله؛ فما هذا التطويل فيما ليس عليه تعويل؟
  وأما الباطنية فنبرأ إلى الله مما تفردوا به من الكفر والإلحاد في الأصول والفروع، أو المعقول أو المسموع.
= وقد قال النبي ÷: «يغضب الله لهم، وأهل السماء» وقد مر ذكر من روى قصتهم، والحديث في حاشية هذا الجزء.
[وقد قال علي # في عثمان في خطبته الشقشقية ما معناه]: (فقام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه الخ).
ولو كان كما وصف الفقيه لم يقتله المسلمون، ولم ينصره إلا الألدُّون، ولم يترك بغير دفن ثلاثة أيام، ثم كانوا يرجمون الحاملين له ليدفنوه؛ حتى لم يمكنهم دفنه إلا بحش كوكب حيث يقبر اليهود موتاهم، روى ذلك المدايني، وأبو جعفر الطبري في تاريخه وروى الواقدي نحوه.
وقال فيه محمد بن أبي بكر: (أراد يغير ديننا، وحكم بخلاف القرآن).
ومحمد هو الذي قال فيه رسول اللَّه ÷: «يكون غيظاً على الكافرين والمنافقين».
ورواه إبراهيم بن هلال الثقفي في كتاب الغارات عن كثير النواء.
وقد مر ذكر من رواه من المحدثين، وقال # في عثمان: (استأثر فأساء الأثرة)، وغير ذلك.