كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تكذيب الفقيه لخبر عدي بن حاتم عن بيعة علي (ع) - والرد عليه]

صفحة 550 - الجزء 4

  يلتزم بالحجة بعد ظهورها، ولكن أين ذلك ويا بعده عن الثبوت؟!

  وجميع ما وقع من تلك الحوادث على أمير المؤمنين علي وفاطمة @ وعلى كبار الصحابة ليس أبعد من تسنم أبي بكر لمقام أمير المؤمنين # الذي هو أحق به منه، وجرت شبهة تبعه عليها طوائف إلى آخر التكليف إلا ما يلطف الله تعالى بعباده، ويمنّ عليهم فيه بهدايته وإرشاده.

  وأما تعداده لمن ذكرنا أنه تأخر عن بيعة أبي بكر - فإن أراد به النكير فهو منه بالحال دليل على طريقته، كيف يستنكر أعداد يسيرة في ألوف جمة، ما هذا حديث من يعقل صورة الحال، أو يتصور مقاومة الرجال، ولأن الإتيان بعلي # ملبباً بعد استيفاء بيعة الأكثر بحيث لم يبق من يعتد به.

  وأما تكذيب الأحاديث - فهو خلاف دين أهل الإسلام؛ لأنهم وإن تباينوا وتخالفوا في الاعتقادات فالكل لا يقابل بعضهم بعضاً فيما أورده بالتكذيب لوجوه:

  منها: أن عادة المسلمين لم تجر بذلك، بل يروي الإنسان ممن يخالفه كما يروي عمن يوافقه، ويروي لمن يخالفه كما يروي لمن يوافقه، وتكذيب الراوي في الإسلام خلاف عادة المسلمين، فلم يتجاسر على ذلك إلا صاحب الخارقة ليوافق لفظها معناها.

  ومنها: أن الخصم يقدر على إيراد مثل ما يقول خصمه، وإن كان محرماً فالحرمات قصاص فلا تبقى حجة لواحد من الخصمين.

  ومنها: أن الكل وإن اختلفوا في ذات بينهم فالإجماع منهم منعقد وضمائرهم منطوية على أن الكذب على رسول الله ÷ انسلاخ عن الدين، وخروج عن الملة، والكل يدين الله تعالى بما يرجو به النجاة والسلامة، وإن خالف خصمه، فهذا مما لا يتأتى فيه الخلاف، والفقيه قد أطلق لسانه بالتكذيب فيما خالف اعتقاده.

  فلا الحياء من الله تعالى، ولا من رسول الله ÷، ولا من المسلمين في خلافه لمنهاجهم - ردعه، ولا التحشم من ذوي الأخطار والأقدار منعه، وإنما