كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[رواية الفقيه تخاصم علي والعباس عند عمر - والتعليق على هذه الرواية]

صفحة 558 - الجزء 4

  فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت: إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل رسول الله ÷، وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها فقلتما: ادفعها إلينا؛ فبذلك دفعتها إليكما.

  فأنشدكم بالله هل دفعتها إليكما بذلك؟ قال الرهط: نعم؛ ثم أقبل على علي وعباس فقال: أنشدكما الله هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم؛ قال: فتلتمسان مني قضاء غير ذلك؟ فوالله الذي تقوم بإذنه السماء والأرض لا أقضي فيها غير ذلك؛ فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فإني أكفيكماها⁣(⁣١).


(١) قال ¥ في التعليق: يا سبحان اللَّه، مِنْ واضع الحديث كأنه لا يعرف أساليب العربية، ولا بلاغتها، ما المحوج لعمر إلى القسم على البر والصدق؟! وليس ثم إنكار إذ المفروض أن علياً، والعباس مقران بقوله: (إنا لا نورث).

ثم كيف يطالبان في الميراث مع إقرارهما بأن ما تركه النبي ÷ غير موروث بل صدقة، هل هذا إلا قدح في فكرتهما. ثم كيف أن العباس ينازع في الميراث؟! وقد علم من يوم إنذار العشيرة أن رسول اللَّه ÷ قال لبني عبد المطلب: «أيكم يوازرني على أن يكون وصيي ووارثي وخليفتي» فلم يجبه إلا علي، وصفق رسول الله ÷ بيده على يد علي وبايعه.

وقد مر الحديث عن علي #، وأنه سئل: بم ورثت ابن عمك دون عمك؟ فأجاب بما في خبرالإنذار؛ أخفي على العباس أم تجاهل؟!

ثم كيف ينازع، وقد علم أن رسول اللَّه ÷ قال: «كل بني أمٍّ ينتمون إلى أبيهم إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما» أيصح أن نخالف رسول اللَّه ÷ فنقول بل هما رحاميان؟!

وكذا قال ÷: «وجعل ذريتي في صلب علي» أيصح أن يقال في الحسنين هما ذرية من قبل الأم لغة كما قال اللَّه {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ}⁣[الأنعام: ٨٤] ... إلى قوله: {وَعِيسَى} وليسا بولدين عصبة، فما وجه اختصاصه ÷ بهذا الحكم وغيره من سائر الناس مساوٍ له، أيخفى على العباس مثل هذا؟!

وإذا [في الأصل أو إذا] لم يخف عليه فلعله يعلم أن الولد يسقط العم، وكيف يتنازع علي والعباس فيقول لهما عمر إن رسول اللَّه قال: «لا نورث إلخ». وكأنه حجهما مع إقرارهما بالحديث، هل قصدا أخذ ما ليس لهما لولا قول عمر، سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم! ومثل هذا لا يخفى على ذي لب سليم.

مع أن الفقيه قال: إن الحديث مما أجمع عليه المحدثون، فإن كان صادقاً فأهوِن بهم إن اعتقدوا صحته مع ما فيه من التخاليط، وبه يستدل على ضعف آرائهم، وخذلانهم، وأنهم لا يميزون بين الصحيح والسقيم؛ لَمَّا مالوا عن الثقلين. وإن كان كاذباً أو أنهم رووه وقدحوا فيه، فالله حسيبه من قذفهم أو =