كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ترجمة ابن عائشة]

صفحة 574 - الجزء 4


= انظر: فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد (ص ٥٠٢)].

قال: ولم ير الناس أكثر باكياً ولا باكيه من يومئذ.

ثم عدلت إلى مسجد الأنصار فقالت: يا معشر النقيبة، وأعضاد الملة، وحضنة الإسلام ما هذه الفترة عن نصرتي، والونية عن معونتي، والغميزة [في الأصل: الغمزة] في حقي، والسِنة عن ظلامتي. أما كان رسول اللَّه ÷ يقول: المرء يحفظ في وِلْدِه، سرعان ما أحدثتم، وعجلان ما أتيتم، ألئن مات رسول اللَّه ÷ أَمَتُّم دينه، ها إن موته لعمري خطب جليل إلى قولها: أضيع بعده الحريم، وهتكت الحرمة، وتلك نازلة أعلن بها كتاب اللَّه قبل موته فقال {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى آخر الآية [آل عمران: ١٤٤].

إيهاً بني قيلة أأهضم [في الأصل: اهتضم] تراث أبي وأنتم بمرأىً ومسمع، تبلغكم الدعوة، ويشملكم الصوت، وفيكم العدة والعدد، ولكم الدار والجنن، وأنتم نخبة اللَّه، وخيرته التي اختار، باديتم العرب، وكافحتم البهم، حتى دارت بكم رحى الإسلام إلى قولها: فتأخرتم بعد الإقدام، ونكصتم بعد الشدة، وجبنتم بعد الشجاعة عن قوم {نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ١٢}⁣[التوبة].

ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وركنتم إلى الدعة، فجحدتم الذي وعيتم، ودسعتم الذي سوغتم [دسعتم: تقيأتم، وسوغتم: شربتم بسهولة]، {إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} ... الآية [إبراهيم: ٨].

ألا وقد قلت لكم ما قلت، على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم [في الأصل: خامرتم]، وخور القناة، وضعف اليقين، فدونكموها فاحتووها، مدبرة الظهر، ناقبة الخف [أي مقروحة الظهر رقيقة الخف]، باقية العار، مسمومة الشعار [وفي رواية: الشنار، وهو العيب]، موصولة بنار اللَّه الموقدة التي تطلع على الأفئدة، فبعين اللَّه ما تعملون، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ٢٢٧}⁣[الشعراء]، انتهى) فتأمل!.

وهذا من رواية المحدثين أعني القوم الذين ليسوا من الشيعة الإمامية كما قال ابن أبي الحديد |، ثم قال: وأنا أعلم أن فاطمة انصرفت ساخطة، وأنها ماتت وهي على أبي بكر واجدة.

وهذه الخطبة رواها مؤلف الكامل المنير بإسناده إلى زيد بن علي عن زينب بنت علي، وهي أبسط مما رواه الجوهري تمت دلائل.

وقد روى نحوها المرتضى أخو الرضي من طريقين عن عائشة، وعن ابن عائشة ذكره ابن أبي الحديد.

[ترجمة ابن عائشة]

ابن عائشة من كبار الهاشميين بالبصرة، وروى عنه كثير. وهو: إبراهيم بن محمد من ولد إبراهيم الإمام الذي حبسه مروان الحمار ونسبته إلى عائشة؛ لأنها أم جدة أحد أجداده، وأمها بنت جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فبنو عائشة يعظمون من أجلها إلى الآن تمت من الأمالي لأبي طالب باختصار والحمد لله.

=