[خطبة فاطمة & لنساء المهاجرين والأنصار في مرضها]
=
[خطبة فاطمة & لنساء المهاجرين والأنصار في مرضها]
وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال: وحدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا محمد بن عبدالرحمن المهلبي، عن عبد اللَّه بن حماد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن حسن بن حسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين @ قالت: (لما اشتد بفاطمة بنت رسول اللَّه ÷ الوجع، وثقلت في علتها، اجتمعت عندها نساء من نساء المهاجرين والأنصار فقلن لها: كيف أصبحت يا بنت رسول اللَّه؟ قالت: والله أصبحت عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، لفظتهم بعد أن عجمتهم، وشنئتهم بعد أن سبرتهم، فقبحاً لفلول الحد، وخور القناة، وخطل الرأي، {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ٨٠}[المائدة].
لا جرم قد قلدتهم ربقتها، وشننت عليهم عارها، فجدعاً وعقراً وسحقاً للقوم الظالمين، ويحهم أنى [في الأصل: أين. انظر فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد (ص ٥٣٩)] زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الروح الأمين والطبين [الفطن الحاذق] بأمر الدنيا والدين، ألا ذلك هو الخسران المبين، وما الذي نقموا من أبي حسن؛ نقموا [منه] والله نكير سيفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله، وتالله لو تكافُّوا [أي كفوا أيديهم ومنع بعضهم بعضاً] عن زمام [الزمام الحبل الذي يقاد به البعير، وهو كناية عن القيادة والإمامة] نبذه اليه رسول اللَّه ÷ لاعتلقه [في الأصل: لاعتقله. والمعنى: لأمسك بالزمام وقادهم على أحسن قياد] وسار بهم سيراً سجحاً [سجحاً: سهلاً يسيراً] لا يَكْلُم خشاشه [الكلم: الجرح. والخشاش: الخيط الذي يدخل في عظم أنف البعير]، ولا يتعتع راكبه، ولأوردهم منهلاً نميراً فضفاضاً، تطفح ضفتاه [في الأصل: فضافضه] ولأصدرهم بطاناً قد تحير بهم الري، غير متحل [من الدنيا] بطائل، إلا بغمرة الناهز، وردعة سورة الساغب، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض، وسيأخذهم اللَّه بما كانوا يكسبون.
ألا هلم فاستمع، وما عشت أراك الدهر عجباً [في الأصل: عجبه] وإن تعجب فقد أعجبك الحادث إلى أي لجاءٍ استندوا، وبأي عروة تمسكوا، لبئس المولى، ولبئس العشير، ولبئس للظالمين بدلاً، استبدلوا والله الذنابا بالقوادم [القوادم: أجنحة الطائر، والذنابا: ريشات على ذنبه]، والعجز بالكاهل [عجز الشيء: مؤخره، والكاهل من الإنسان ما بين الكتفين]، فرغماً لمعاطس [المعاطس: الأنوف] قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؛ {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ١٢}[البقرة]، ويحهم {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٥}[يونس].
أما لعمر اللَّه لقد لقحت [أي لقحت جرثومة الفتنة في الأمة الإسلامية فانتظروا النتائج السيئة]، فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوها طلاع [أي القدح الكبير الذي يتفايض بالدم حتى يسيل منه] القعب دماً عبيطاً، وذعافاً ممقراً [أي سماً مراً مهلكاً]، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون غب ما أسسه الأولون، ثم طيبوا عن أنفسكم نفساً، واطمئنوا للفتنة جأشاً، وأبشروا بسيف صارم، وهرج شامل، =