كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عودة إلى الحديث عن بيعة أبي بكر ودعوى الإجماع]

صفحة 582 - الجزء 4

  ثم قال [أي الفقيه]: قال القدري: فإن قال: إن الأخبار التي رويتموها أخبار آحاد لا توجب علماً ولا تقتضي حكماً - فجوابنا [أي: القرشي]: أن هذا الامتناع من البيعة معلوم، ووقوع البيعة إنما نقل بهذه الطريق، وهذه الطريق تدل على وقوع البيعة مع الإكراه والإجبار، فيكون العلم بالإكراه كالعلم بوقوع البيعة، فإذا لم يثبت بهذه الطريقة الإكراه لا تثبت أيضاً البيعة.

  فبيِّن وصحح روايات تقتضي العلم بوقوع البيعة مع الطوع والاختيار، فلا تقدر إن قدرت إلا على الآحاد، ولو طلبنا منك أن تسند أخبارك بصحيح الأسانيد كما أسندنا لتعذر عليك، وإن كان عندك من ذلك ما يقوي هذا الشأن فهذا الفرس وهذا الميدان، فليس يمنعنا من ذكر رجال الأخبار إلا أنك لم تسلك معنا هذا المسلك، ولعلك طلبت قلة حجم الرسالة فعملنا مثل ما عملت.

  إلا في هذا الموضع فإنا جعلناه كالعتبة والإمتحان، وراويها جميعاً هو الفقيه الفاضل العالم زيد بن الحسن الخراساني البيهقي عن من ذكرنا ممن يبلغ به إلى المتون المذكورة، وهو شيخ القاضي الأجل أبي العباس عماد الدين أحمد بن أبي الحسن الكني بالرَّي، وهذا القاضي عماد الدين أحمد هو شيخ شيخنا القاضي الأجل شمس الدين جعفر بن أحمد بن عبدالسلام بن أبي يحيى بالرَّي أيضاً، وهو ممن أخذنا عنه جميع ذلك أو أكثره.

  وعلى أن هذه الأخبار وإن كانت روايتها من الآحاد، فإن معناها الذي تضمنته متواتر والإعتبار بالمعاني.

  ثم قال [أي الفقيه]: قال القدري بعد ذلك: فإن تجاسرت وقلت: إنما خالف في ذلك الواحد والإثنان، وذلك لا يقدح في الإجماع - كان جوابنا [أي: القرشي]: أن قولك هذا بعيد عن التحقيق، لأن خلاف الواحد والإثنين يقدح في صحة الإجماع.

  وعلى أنه كيف يعد إجماعاً من دون أمير المؤمنين # وسائر بني هاشم، وسعد بن عبادة وخالد بن سعيد، والزبير بن العوام، وسلمان، وأبي ذر، والبراء