كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول خلافة عمر]

صفحة 589 - الجزء 4

  وأفضل الأمة، أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، ووصي خاتم النبيين، وتاليه في الدنيا والدين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، والاستبداد بالأمر من دون حضوره ولا مشورته، إلى أن أحكم لأبي بكر أمره، وأظهر بعد ذلك وتمكنه - لعباد الله الصالحين سطوته وقهره، وحملهم على البيعة طوعاً وكرهاً، ولبَّس عليهم دينهم، وأهمل أدلتهم وبراهينهم، والله أعلم هل كان ذلك بتعمد لمخالفة الدين، من الكتاب المبين، وسنة سيد المرسلين، أو للجهل بدلالة تلك الأدلة والبراهين على صحة إمامة أمير المؤمنين؛ {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ١٢٤}⁣[النحل].

  وأما شهادة النبي ÷ بأنه ما سلك فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجه، وأن الله تعالى قد جعل الحق على لسانه وقلبه، وأن رضاه عِزٌّ وغضبه عدل.

  فالجواب: أن جميع ذلك إن صح فكان ثباته في وقت النبي ÷، وأما بعده فقد رضي بالعقد لأبي بكر، بل تولاه وهو باطل، وغضب عن تأخر أمير المؤمنين # عن البيعة لأبي بكر، وهو حق؛ لأنه أولى بذلك المقام من أبي بكر، وقال بلسانه: إن من لم يبايع أبا بكر علاه بالسيف وليس بحق.

  وخير علياً # بين البيعة وبين أخذ زاد شهر أو السطوة به وهو باطل، وسلك طريق الشيطان في سقيفة بني ساعدة يغري بين المسلمين فتبعوه، وكان جبريل في بيت رسول الله ÷ يعزي أهله عنه ÷، حتى وقعت له منهم المساعدة لابتزاز الأمر عن أهله، وإزالته ونقله؛ لأن ما جرى هنالك خالفوا فيه مراد الله تعالى بقوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}⁣[المائدة: ٥٥].

  وخالفوا مراد الرسول الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى؛ بقوله لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» وبقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فليتبع النظر في هذه الثلاث، فإنها أعز ما وقع به الاشتغال عن القيل والقال، وسلوك طريقة السفهاء والجهال، من السب والتهجين، وأذية أهل بيت النبي ÷ أجمعين، وأذية المسلمين.