كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حوار حول انتشار دعوة رسول الله ÷]

صفحة 592 - الجزء 4

  فالجواب [المنصور بالله]: أن هذا لا يلزم، فكيف يدعي إلزامه بغير وجه يذكره، وعلى مذهبه الفاسد هم سواء القاعد أقعده ربه، والمجاهد لم يفعل شيئاً بل جهاده فعل خالقه؛ فمن المحمود ومن المذموم؟ تفكروا في ذلك يا أرباب الحلوم، إذا كان الباري تعالى عند المجبري القدري الفاعل والمانع، فمن المحمود والمذموم؟ المصنوع أم الصانع؟ يا له من مذهب ما أقبحه! ودين ما أفضحه! وبهتان ما أوضحه! ولا بد كل مكلف يبلغه أمر النبي ÷ لتلزمه الحجة إن كنت تعقل ذلك، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}⁣[الإسراء].

  وأما قوله [أي الفقيه]: ثم هذا يبطل عليه أصله لاعتقاده أن الآدمي يخلق أفعاله ويوجدها، ولا صنع لله ø فيها فكيف يعبده؟

  فالجواب [المنصور بالله]: أنه لا تعلق لمسألة أفعال العباد هاهنا، فمن أين يلزم ذلك؟

  ثم قال [أي الفقيه]: وأما استدلالك بالآية فقد أخطأت لفظها، وجهلت معناها، أما اللفظ فإن التلاوة: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ١٣٢}⁣[الأنعام].

  وأما المعنى: فغفلتك عما ذكر الله ورسوله لأبي بكر وعمر من الدرجات، وما شهد الله تعالى به ورسوله أنهم على الاستقامة إلى الممات، غير أنك مشغول عن فهم سواد⁣(⁣١) القرآن بإلحادك في صفات الرحمن، والطعن على أبي بكر وعمر وعثمان، ووقذك بالذل والعجز والمهانة بسيد الشجعان.

  والجواب [المنصور بالله]: أنه ما أورد ذلك مورد حكاية لفظ القرآن الكريم فيقع عليه عتب في تلاوته، بل تمثل من الآية بل من الآيتين بما يتعلق بمسألته، حيث ذكرت الأعمال وجميل الخصال، وذكر لك أنها بالخواتم.


(١) سور (نخ).