[الفتوح وترتيب الولاية لا تدل على الإمامة]
  ثم قال [أي الفقيه]: وأما تشبيهه لفتوح عمر بفعل الكفار، فسوّى بين من جاهد في سبيل الله وبين الكفرة الفجار - فيدل على خروجه عن الإسلام، والتحاقه بعبدة الأصنام، فهل يستوي من جاهد في سبيل الله ومن جاهد في سبيل الشيطان؟ فأنبئوني بذلك يا خصماء الرحمن.
  فالجواب [المنصور بالله]: أنه لم يقع التشبيه إلا بأن الغلبة لا تدل على الإمامة، كما أن غلبة أمراء الكفار على رعاياهم لا تدل على إمامتهم.
  وأما أذيتك لأهل الإسلام بما ليس عندهم، وجهلك بموضع التمثيل وهو ظاهر في التعليل؛ فدليل على قلة الدين منك وقلة التحصيل.
  وأما ما قال القدري: إن أمر عمر كان أقوى وأظهر، فكان السكوت والغفلة عن النكير عليه أولى وأبرّ - فلا(١) محالة أن السكوت والغفلة عن النكير عليه على كل حال أولى وأبرّ كما ذكر، ولم يستفد بقوله: إن عمر كان أقوى وأظهر إلا إظهار التضعيف والتعجيز لعلي الأزهر، كما أظهر ذله وضعفه وعجزه ومهانته في زمن أبي بكر وهو ضعيف عنده فكيف في زمن عمر، والجبان العاجز لا يصلح أن يكون إماماً بالاتفاق، فاعجب لتهور أهل القدر.
  والجواب [المنصور بالله]: أنا قد بينا أن سكوت أمير المؤمنين # حياطة للإسلام والمسلمين من انشقاق العصا وانتثار الكلمة، وليس من حق الشجاع أن يقدم على ما فيه وهن على الإسلام، وكررنا ذلك مراراً، وقد ذهب عن الغرض بالجواب، إما لجهله بالصواب، أو مغالطته التي سلكها عند كثير من الخطاب.
  لأن الغرض بالجواب أن سكوت أمير المؤمنين عن النكير على أبي بكر لما رأى في ذلك من مصلحة الدين، ولو كان عليه في ذلك حيف، فآثر رضاء الله تعالى على حقه، وإن كان الأمر في وقت عمر أعظم فكان بأن يستقيم على الإغضاء أحق وأولى، فذهب فقيه الخارقة عن ذلك إلى ما لا فائدة عنده.
(١) بداية رد فقيه الخارقة على الشيخ محيي الدين القرشي.