كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عجز الفقيه عن ذكر مسائل الإمامة]

صفحة 598 - الجزء 4

  قد أفلت، وشياطين الإنس والجن بظهور هداها قد حبست، والجبابرة الفراعنة بمعاونها ومغالبتها قد نكست رؤوسها للذل وأطرقت.

  وقد كان المسلمون بعد نبيهم من الذل والعجز كالغنم السائبة في الليلة المظلمة، وكأن السماء بقوة الكفر وضعف الإسلام على المسلمين قد انطبقت؛ فأغاثهم الله بإمامة الصديق، فسرت الجيوش من كل وجه وطريق، وقتل كل كافر، وأهان كل منافق زنديق، ورد بشر الإسلام على عزه، وردع كل فاجر، وأعان كل صاحب بر على بره.

  إلى غير ذلك من الفضائل التي لو أفنى العلماء أعمارهم في جمعها ما حصلوا من حصرها على طائل.

  فادعى هذا القدري بجهله إبطالها، ورام بسهام الزيغ والضلال نصالها، وظن أنه بنحسه وإدباره يغلب إقبالها، وقد حرسها الله تعالى عن الأعداء والحسدة وأذل من غالها، ونصرها بموافقة سيد الشجعان والفاتك بالأقران علي بن أبي طالب، وأصلح بالمبادرة إليه حالها، فكان حد ظباها، ونطقه في الثناء عليها، وفي الدفع عنها في نحور أعدائها بشباها ونصالها، وكان علي # كهفها وملجأها وظلالها، حتى أتم الله نورها على رغم الأعداء وأظهر كمالها.

  فتباً لدين القدري ما أضله، ولحد سيفه في نصرة علي عند علي ما أفله، ولجيش باطله عند جيش الحق ما أقله، ولتعززه بالتمويه والتشبيه والتدليس على أشياعه وأتباعه عند علي # ما أذله؛ فليتب إلى الله من تماديه في الباطل فإن العذاب قد أظله.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن صاحب الرسالة الرادعة قال: ولو كان المتصدي للمكالمة وجمع فضائل الصحابة اعتمد أولاً على أصول مسائل الإمامة، وذكرها له، وفصلها تفصيلاً لأغنى لمن يتكلم مع العلماء عن معرفتها - فأجابه؛ فقال: إني بحمد الله لقادر على كشف ما ذكرتم، ثم قال: إلا أن ذلك غير لازم لي، ولا