[تلفيق الفقيه على علي # في مدح المشائخ]
  فنهضت حين وهن أصحابه، وبرزت حين استكانوا، وقويت حين ضعفوا، ولزمت منهاج رسول الله ÷ فكنت خليفة حق، لم تنازع ولم تصدع برغم المنافقين، وكبت الكافرين، وكره الحاسدين، وفسق الفاسقين، وغيظ الغائظين.
  وقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت إذ تتعتعوا، ومضيت بنور إذ وقفوا، وتبعوك فهدوا، وكنت أخفضهم صوتاً، وأعلاهم قولاً، وأقلهم كلاماً، وأصوبهم منطقاً، وأطولهم سمتاً، وأبلغهم قولاً، وأكثرهم رأياً، وأشجعهم نفساً، وأعرفهم بالأمور، وأشرفهم عملاً.
  كنت والله للدين يعسوباً، أولاً حين تفرعنت الناس، وآخراً حين فتنوا، وكنت للمؤمنين أباً رحيماً حتى صاروا عليك عيالاً، حملت أثقال ما ضعفوا، ورعيت ما أهملوا، وحفظت ما أضاعوا، تعلم ما جهلوا، وشمرت إذ خنعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ جزعوا، وأدركت آثار ما طلبوا، وراجعوا رشدهم برائك فظفروا، ونالوا بك ما لم يكونوا يحتسبوا.
  كنت على الكافرين عذاباً واصباً، وللمؤمنين رحمة وأنساً وخصباً، فطرت بعنانها، وفزت بجنانها، وذهبت بفضائلها، ولم يزغ قلبك ولم يجبن، كنت والله كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف.
  كنت كما قال رسول الله ÷ «ضعيفاً في بدنك، قوياً في أمر الله ø» متواضعاً في نفسك، عظيماً عند الله تعالى، جليلاً في أعين الناس، كبيراً في أنفسهم؛ لم يكن لأحد فيك مغمز، ولا لقائل فيك مهمز، ولا لأحد فيك مطمع، ولا لمخلوق عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي حتى تأخذ له حقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، القريب والبعيد عندك في ذلك سواء أقرب الناس إليك أطوعهم لله تعالى وأتقاهم له، شأنك الحق والصدق والرفق، قولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم.
  فأقلعت وقد نهج السبيل، وسهل العسير، وأطفيت النيران، واعتدل بك