[جواب الإمام # عما أورده الفقيه وبيان فساد الاعتماد عليها]
  وكونه للمؤمنين كما ذكر، ولذلك مال إليه أكثرهم.
  وقوله: لا حرمنا أجرك فالمسلمون يفرحون بحياة من هو دون أبي بكر، فكيف لا يفرحون بحياته، ولهم الأجر العظيم في احتسابه، والدعاء إلى الله بالعصمة من الضلال مفروض.
  وأما حديث أبي عبدالرحمن في عمر فلا شك في صحة أعماله وكثرتها، وكونها أعمال الإيمان، ما خلا دعوى الخلافة، ومثل بعضها يدخل به الجنة إن سلم من الكبائر، وكذلك سائر ما أبّنه به مستقيم، ولم ننفه فيحتج الفقيه على ثباته، ولا نقدنا أعمال البر، إنما نقدنا التقدم على المنصوص عليه والمعصوم، والمادح لا يمدح إلا بالمحاسن، وإن كان يعلم المساوئ فلا يعد ذلك مناقضة.
  وأما حديث محمد بن حاطب في ذكر عثمان فلا شك أن عثمان كان من الذين آمنوا كما ذكر أمير المؤمنين، وقد أحدث أحداثاً نقدها علي # وغيره، ونحن نرويها ولكن لا حاجة إلى ذكرها لأنا لا ننازع إلا في تقدمهم على علي #.
  وكذلك الرواية عن الآجري، عن محمد بن حاطب وأن علياً قال: كان من الذين آمنوا وذلك قولنا إنه كان من الذين آمنوا.
  وأما الحديث المروي عن محمد بن علي وأن علياً # قال: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ١٠١}[الأنبياء]، يحمل على أن عثمان مبعد عن النار في تلك الحال؛ لأن الظاهر المعلوم من علي في أمر عثمان أنه سئل مراراً عن قتله فأجاب بأشياء يختلف لفظها ويتفق معناها، وحاصل ذلك أنه لم يكره قتله، ولو اعتقد سلامة إيمانه لوجب إظهار الكراهة والنصرة، ولم يختلف أحد من أهل النقل في حال علي هذه مع عثمان، وقد قيل في ذلك الأشعار؛ فقال كعب بن جعيل:
  إذَا سِيْلَ عَنْهَا نَحَا شُبْهَةً ... ولَبَّسَ قَوْلاً على السَّائِلِيْنَا
  فَلاَ هُوَ سَاه ولا سَرَّهُ ... ولا فِي النُّهَاةِ ولا الآمِرِيْنَا