كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر معاني لفظة مولى في أصل اللغة ووجه دلالتها على إمامة علي (ع)]

صفحة 326 - الجزء 1

  وإذا لم يصح أن يكون مراده ÷ شيئاً من هذه الأقسام علمنا أن مراده ما بقي منها مما هو واجب له على العباد ويصح أن يوجبه لمن أراد، ولم يبق غير قسمين، وهما: الأَوْلى والسيد المطاع؛ فهما على كل حال المراد، ولو لم يكونا ولا واحد منهما مراده خرج كلامه عن أن يتضمن معنى يستفاد، وهذا دليل معتمد فليتأمل ففيه كفاية في هذا الباب غير مفتقر إلى ذكر المقدمة المقررة في أول الكلام، وهو شاهد بأن أمير المؤمنين # الأَوْلى، والسيد المطاع.

  ويزيده بياناً: أنا لو حملنا ما في الخبر من ذكر لفظة مولى على أن المراد بها جميع المعاني التي يصح ثبوتها في حقهما @ مما لا تنافي بينهما لكان ذلك وجهاً صحيحاً مستعملاً في اللغة العربية كما ذكره أهل الأصول في أحكام الحقائق المشتركة.

  ويزيده بياناً وإيضاحاً أيضاً، وإن كان بغير لفظة مولى: ما قدمنا ذكره من صحيح مسلم، ومن كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي، ومن كتاب الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري، ما ذكره من صحيح أبي داود السجستاني وصحيح الترمذي وهو ما رووه عن زيد بن أرقم أنه قال: قام رسول الله ÷ يوماً فينا خطيباً بماءٍ يدعى خمّاً بين مكة والمدينة؛ فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر، ثم قال: «أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور؛ فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به - فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي»، فأوصى بكتاب الله تعالى دفعة واحدة وبأهل بيته $ ثلاث دفعات، ولم يزد في التأكيد في الوصاة بهم إلا لأنهم هم حفظة الكتاب والمترجمون عنه بما لا يعلمه غيرهم، فثبتت الوصاة بهم وبالكتاب العزيز.

  ثم قال ÷: «حبلان ممدودان لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»، ويدل على أن ذلك منه - عَلَيْه وآله السَّلام - وصية أنه نعى إليهم نفسه، ثم وعظ وذكّر.