[ذكر معاني لفظة مولى في أصل اللغة ووجه دلالتها على إمامة علي (ع)]
  ومما يؤيد ما قلناه من أنه ما أراد بلفظة مولى إلا استحقاق الإمامة وولاء الأمة دون ما عداه من سائر الأقسام: ما ذكرناه من قول عمر بن الخطاب: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحتَ مولى كل مؤمن ومؤمنة؛ فدل بالتهنئة له على استحقاق الولاية، فمن كان مؤمناً فعلي مولاه، ومن كان ليس بمؤمن فلا حاجة إلى ذكره لخروجه عن دائرة الإسلام بأن علياً لم يكن مولاه لموضع شرط النبي ÷ وشهادة عمر بذلك، وهذا من أدل دليل على صحة ما أردناه.
  ومما يزيد ذلك بياناً: أن قوله ÷ في آخر الخبر: «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» يوجب ثبوت عصمته ووجوب موالاته ظاهراً وباطناً، والقطع على مغيّبه، وذلك يقتضي أنه # أحق بالإمامة من غيره ممن لم يثبت ذلك فيه، إذ لا يجوز العدول عن المعلوم عدالته وعصمته إلى المظنون ذلك فيه، كما لا يجوز العدول إلى الاجتهاد مع وجود النص، وهذا شيء بيّن لكل من سلك طريقة الإنصاف، وطرح تقليد الأسلاف، وجانب الميل إلى العناد والخلاف، ولله القائل:
  وَهَبْني قلتُ هذا الصبح ليل ... أيعمى العالمون عن الضياءِ؟!
  وعند توفية النظر حقه، والأخذ من النصفة بزمامها يتضح الفرق بين الصحيح والفاسد، والمستقيم والمائد، والمنصف والمعاند، ويسفر التمييز بين الناقص والكامل، والعالم والجاهل، والحالي والعاطل، والحق والباطل، والراجح والشائل، وما يعقلها إلا العالمون، وهذا كلام لا يجد عرفه أَخْشَم، ولا يهتدي بنوره عمٍ عن الصواب أبكم:
  ومن يكُ ذا فمٍ مرٍ مريض ... يجد مُرّاً به الماء الزلالا