كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: في قول النبي ÷ لعلي (ع): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»

صفحة 358 - الجزء 1

  ولما علم النبي ÷ أن علياً # يعيش بعده، وأن هارون مات في حياة موسى، وأنه إن أطلق اللفظ من غير تقييد الاستثناء تُوهمت النبوة في جملة المنازل المستحقة له قال مستثنياً: «إلا أنه لا نبي بعدي».

  وقد ثبت كونه # أفضل الأمة، وكونه مقطوعاً على مغيبه بما بينا من الأخبار في خبر الغدير، والدعاء له على القطع من غير شرط بموالاة وليه ومعاداة عدوه، وذلك يفيد كونه معصوماً، فيجب أن يكون أحق بالإمامة ممن تقدمه لوجهين:

  أحدهما: أن الأفضل مراعىً في الإمامة لما نبينه من إجماع الصحابة على ذلك.

  والثاني: أنه قد ثبت أن الإسلام والعدالة معتبران في الإمام، وهما معلومان في من ثبتت عصمته دون من لم تثبت عصمته، ولا يجوز العدول عمن علم إسلامه وعدالته إلى من لم يعلم ذلك من حاله، كما لا يجوز العدول إلى الاجتهاد مع وجود النص، فثبت بجميع ذلك كونه # أحق بالتصرف في الأمة⁣(⁣١).


(١) وهذا بحث مفيد من لوامع الأنوار لشيخنا الحافظ حجة الإسلام مولانا الإمام مجدالدين بن محمد المؤيدي - نفع الله بعلومه - وهو ما لفظه: وقد تكرر من رسول الله ÷ البيان بكون أمير المؤمنين # منه بمنزلة هارون من موسى بن عمران بالأفعال والأقوال في مقامات جامعة كثيرة ومقالات واسعة غزيرة وهذا الكلام الشريف النبوي قد أوجب لسيد الوصيين من سيد النبيين كل منزلة كانت لهارون من موسى - À وسلامه - إلا ما استثناه وهو النبوة والاستثناء دليل العموم؛ إذ هو الإخراج من الحكم والإرادة لما هو داخل بمقتضى الدلالة.

وأيضاً هذه الصيغة مفيدة للعموم وضعاً إذ هي جنس مضاف إلى معرف، ومن الأدلة التي يعلم بها قصد العموم ما ذكرناه من تكرر وروده في مقامات كثيرة ومواطن عديدة وأحوال مختلفة، وقد سقنا مقامات وروده فبلغت اثني عشر مقاماً، واستوفينا الكلام عليها بما فيه تبصرة لأولي الألباب، وفيها: وقد اعترف ابن حجر المكي في شرح الهمزية وتكلم بكلام شاف في شرح قول الناظم:

ووزير ابن عمه في المعالي ... ومن الأهل يُسْعد الوزراء

وساق ابن حجر في ذلك حتى قال: قد وردت فيه بمعناها - أي: الوزارة - على وجه أبلغ من لفظها وهو قوله (ع): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» فإن هذه الوزارة المستفادة من هذا التي هي =