[ذكر من اشتهر بالقول بالعدل والتوحيد من رواة الأخبار]
  فهذا حين أتينا على ذكر من اتفق ذكره من القائلين بقول الذرية الطيبة من الفقهاء، بل أفاضلهم الدعاة إليهم الدالين عليهم، لا كمتفقهة العصر الذين عدلوا عن الذرية الزكية، وتابعوا ضلال البرية.
[ذكر من اشتهر بالقول بالعدل والتوحيد من رواة الأخبار]
  فلنذكر من اشتهر بالقول بالعدل والتوحيد من رواة الأخبار المشهورين بالعدالة الرافضين لأقوال أهل الضلالة من غير استقصاء فذلك مما يطول، ولنبدأ بأهل المدينة فهي قرارة الإيمان، ومركز الإسلام، وإليها يأرز الإسلام في آخر الدهر كما تأرز الحية إلى جحرها، روينا ذلك مسنداً، وتخرج خبثها كما يخرج الكير خبث الحديد، ومنها انتشرت الآثار النبوية، والأحكام الإلهية العلية؛ فمنهم:
  معبد الجهني، وكان الحجاج قد حبسه، وكان يطعم خبز الشعير والكراث والملح، فقال: يا معبد كيف ترى قسم الله لك؟ فقال: يا حجاج خل بيني وبين قسم الله لي، فإن قسم لي هذا رضيتُ به، فقال له: يا معبد، أليس قيدك بقضاء الله؟ فقال: يا حجاج، ما رأيت قيدني غيرك، فأطلق قيدي، فإن أدخله ربي في رجلي رضيته.
  ومنهم: سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، قال أبو عبد الرحمن الشافعي، عن محمد بن إدريس، عن مالك، قال: قدم غيلان المدينة فتكلم هو وربيعة، فحضرهما سعد والصلت بن زيد حليف قريش، فلما تفرقوا قبل سعد مقالة غيلان والصلت مقالة ربيعة، وقيل لابن حنبل: مالك بن أنس لا يروي عن سعد، فقال: سعد خير من مالك، سعد لا تسأل عنه.
  ومنهم: القاسم بن العباس اللهبي، روى عنه ابن أبي ذيب وغيره، ومنهم: عبد الحميد بن جعفر، ومنهم: إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، روى ذلك عنه أبو عبد الرحمن الشافعي، والأمر فيه مشهور بالمدينة.