كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كتاب معاوية إلى أمير المؤمنين (ع) في أمر الخلفاء وجوابه عليه]

صفحة 452 - الجزء 1

  فهذا رأي علي # والصالح من أصحابه في معاوية، ولو أردنا استقصاء جميع ما جاء فيه لاحتجنا إلى كتب جمة، ومدة متراخية، ولكنا ذكرنا على وجه التنبيه ما فيه كفاية لذي حِجْر.

[كتاب معاوية إلى أمير المؤمنين (ع) في أمر الخلفاء وجوابه عليه]

  ولما كتب معاوية إلى أمير المؤمنين علي # كتاباً يقول فيه: أما بعد، فإن الله اصطفى محمداً وجعله الأمين على وحيه، والرسول إلى خلقه، واختار له من المسلمين أعواناً أيّده بهم، وكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام، فكان أفضلهم في الإسلام، وأنصحهم لرسول الله ÷ الخليفة وخليفة الخليفة والخليفة الثالث، وكلهم حسدتَ، وعلى كلهم بغيتَ، عرفنا ذلك في نظرك الشزر، وتنفسك الصعداء، وإبطائك على الخلفاء، وأنت في ذلك تُقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى تبايع كارهاً، ولم تكن لأحد منهم بأشد حسداً منك لابن عمك عثمان، وكان أحقهم ألا تفعل ذلك به في قرابته وصهره، فقطعتَ رحمه، وقبحت محاسنه، وألّبت عليه الناس حتى ضُربت إليه آباط الإبل، وشهر عليه السلاح في حرم رسول الله ÷ فقتل معك في المحلة وأنت تسمع في داره الهائعة، لا توري عن نفسك في أمره بقول ولا فعل، فأقسم قسماً صادقاً لو قمتَ في أمره مقاماً واحداً لانتهى الناس عنه، ما عدل بك من قبلنا من الناس أحد، ولمحا ذلك عنك ما كانوا يعرفونك به من المجانبة لعثمان والبغي عليه.

  وأخرى أنت بها عند أولياء عثمان ظنين: إيواؤك قتلته، فهم بطانتك وعضدك وأنصارك، وقد بلغني عنك أنك تنتفي من دمه، فإن كان ذلك حقاً فادفع إلينا قتلته نقتلهم، ثم نحن أسرع الناس إليك، وإلا فليس لك ولأصحابك عندنا إلا السيف، والذي نفس معاوية بيده لأطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال والبر والبحر حتى أقتلهم أو ألحق روحي بالله.

  فهذا منه تصريح بصورة الحال التي حكيناها أن علياً # ما بايع إلا كارهاً