كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أيام معاوية بن يزيد]

صفحة 481 - الجزء 1

  ومرنة تبكي على نشواته ... بالصبح تقعد تارة وتقوم⁣(⁣١)

[ذكر أيام معاوية بن يزيد]

  وبويع لولده معاوية بن يزيد بن معاوية، وأمه أم هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة، فأقام أربعين يوماً، وقيل أربعة أشهر، وقيل ثلاثة، وفي المدة خلاف أوضحها وأصحها ما ذكرناه أولاً، وكان له مذهب جميل في أهل البيت $.

[خطبة معاوية بن يزيد لما بُويع ومدّة عمره]

  ولما بُويع خطب الناس فقال بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي ÷: أيها الناس إنا بُلينا بكم وبُليتم بنا، فما تحصل كرامتكم لنا بضغنكم علينا، ألا وإن جَدّي معاوية بن أبي سفيان نازع الأمر من كان أولى به منه في القرابة من رسول الله ÷ وأحق في الإسلام، سابق المسلمين، وأول المؤمنين، وابن عم رسول رب العالمين، وأبا بقية خاتم النبيين، فركب منكم ما تعلمون، وركبتم منه ما لا تنكرون، حتى أتته منيّته، فصار رهيناً بعمله، ثم قلد الأمر أبي، وكان غير خليق بالخير، فركب هواه، واستحسن خطاه، وعظم رجاه، فأخلفه الأمل، وقصر عنه الأجل، فقلّت متعته، وانقطعت مدته، فصار في حفرته، رهيناً بذنبه، وأسيراً بجرمه، والله لأسفنا له أعظم من أسفنا عليه، ثم بكى، وقال: إن أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه، وقبح منقلبه، وقد قتل عترة الرسول ÷ وأباح الحرمة، وحرق الكعبة، وما أنا بالمتقلّد أموركم، ولا المتحمّل ببيعتكم، فشأنكم وأمركم، فوالله لئن كانت الدنيا مغنماً لقد نلنا منها حظنا، وإن تكن شراً فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها.

  فقال مروان: سنّها عمر فينا، ثم قال: ما كنت أتقلدكم حياً وميتاً، ومتى صار معاوية بن يزيد مثل عمر، مَنْ لي برجال عمر، وبلغ ذلك من بني أمية كل مبلغ،


(١) قوله ومرنة: أي مصوّته، ونشواته: سكراته.