كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بعض من أعمال عمر بن عبدالعزيز]

صفحة 488 - الجزء 1

  الدين والصلاح، وباعد أهل الفسوق والعصيان، وما ترك لأولاد سليمان من المال إلا ما كان قد لبسه، وصرف الباقي إلى بيت المال.

  ودان بالعدل والتوحيد خلافاً لأهل بيته؛ لأنهم أول من سنّ الجبر والقدر؛ فسارت الجبرية والقدرية على الأثر.

  وترك لعن علي # وقد كانوا جعلوا له مكاناً في الخطبة فرد موضعه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٩٠}⁣[النحل]، وأمر بقطعه في الآفاق، ووصل ذلك إلى صنعاء، فلما وصل الخطيب إلى ذلك المكان تلا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، فقام ابن محفوظ، فقال: ما هذا؟ قطعت السنة؟ والله لأنهضنّ إلى الشام فإن وجدت هذا الخليفة قد عزم على قطع السنة لأضرم عليه الشام ناراً، وقام معه بنو الأسود ووقعت عصبية فخرج مغاضباً، ولحقه الناس إلى موضع يقال له المنجل فرجموه وصرعوه وبغلته تحته وتركوا عليهما رضماً كبيراً، وهو يرجم إلى الآن كقبر أبي رغال وأبي لهب، وقال الشاعر:

  استراحت من السباب البتول ... وبنوها وبعلها والرسول

  وأبى ذلك اللعين ابن محفو ... ظ وبنو الأسود الكلاب البغول

  وقامت الشعراء تمدح عمر بن عبد العزيز في ذلك، فقال كثير:

  وليت فلم تشتم علياً ولم تخف ... برياً ولم تتبع سجيّة مجرم

  وقُلْتَ فصدّقتَ الذي قلت بالذي ... فعلتَ فأضحى راضياً كل مسلم

  في قصيدة طويلة.

  ولم يقل أحد من بني أمية بالعدل والتوحيد إلا عمر بن عبد العزيز، ويزيد بن الوليد الملقب بالناقص، ومعاوية بن يزيد، ولا ظهر لأحد منهم صلاح إلا لهؤلاء، وقليل لمن حمّل ذنبه ربه ألا ينزع من المعاصي، ولا يعظم عليه ثقلها.